لم يخفف إعلان المتظاهرين في الأنبار وعدد من المدن الأخرى إلغاء «الزحف» إلى بغداد حدة الاحتقان وحال التأهب في العاصمة العراقية، وسط تهديد العشائر الشيعية بالدفاع عن الحكومة. وأعلنت لجان التنسيق في الأنبار إلغاء «الزحف إلى بغداد»، موضحة أن «صلاة الجمعة ستكون في الأنبار كما هو الحال منذ انطلاق التظاهرات قبل نحو 50 يوماً». وبررت اللجان إلغاء خطة الذهاب إلى بغداد ب «مناشدات علماء الدين وشيوخ العشائر تأجيل الزحف». وقال عضو اللجنة عماد الزوبعي ل «الحياة»، إن «شعار جمعة الغد (اليوم) سيكون بغداد صبراً»، مشيراً إلى أن «الصلاة ستكون في ساحة التظاهرات في الرمادي». وأضاف أن «الحكومة أغلقت الشوارع، لا سيما تلك التي تربط الأنبار بالعاصمة، وطوقت منطقة الأعظمية وجامع أبو حنيفة، ونحن متظاهرون سلميون ولا نريد أي تصادم مسلح مع القوات الأمنية». لكن المتظاهرين صعَّدوا خطابهم واستخدموا ألفاظاً لم يستخدموها منذ أواخر العام الماضي، إذ وصفوا الجيش ب «اللاوطني» و «الصفوي». وجاء في بيان للجان التنسيق، أن «الجيش اللاوطني اقتحم مسجد الإمام الأعظم بطريقة لم يفعلها حتى الجنود الصهاينة في القدس الشريف، ما يدل على حقد هؤلاء الصفويين على أهل السنة والجماعة في العراق». وحذر البيان رئيس الحكومة نوري المالكي من «انفراط العقد وانفلات الأمور، وعند ذلك لا ينفعك الندم». وطالب أهالي بغداد ب «الصبر والثبات، ونعاهدكم بأننا لن نتخلى عنكم، وستبقى بغداد حاضرة الخلافة الإسلامية وحاضنة آل بيت رسول الله، على رغم أنوف أعداء العراق من الصفويين». واتخذت السلطات الأمنية إجراءات مشددة في مدينة الأعظمية، وفتشت جامع الإمام أبو حنيفة والمنطقة المجاورة له. وعلمت «الحياة» من مصادر مطلعة، أن «هناك تهديدات متلاحقة من تنظيم القاعدة وبعض الجماعات المسلحة بتنفيذ هجمات في بغداد». وأكدت المصادر أن «حجم التهديدات هو الأكبر الذي تواجهه الأجهزة الأمنية منذ انسحاب القوات الأميركية». إلى ذلك، أعلنت لجان التنسيق في محافظات صلاح الدين وديالى وكركوك أن المتظاهرين لن يذهبوا إلى بغداد، وسيقيمون صلاة الجمعة في ساحات التظاهر، تلبية لنداء علماء الدين وشيوخ العشائر الذين طالبوهم بالتريث. واستمر الحراك الشعبي والعشائري في المحافظات ذات الغالبية الشيعية، فبعد البصرة والعمارة والناصرية والنجف، أعلن شيوخ العشائر في كربلاء أمس أنهم «سيزحفون لحماية بغداد» إذا أصر الآخرون على تهديد أمنها». ورفضت العشائر المَطالب المتمثلة ب «إسقاط الحكومة والعملية السياسية»، معتبرة أن «التظاهرات انحرفت عن مسارها الحقيقي». وأشاد الشيوخ ب «مواقف رجال الدين السنة الذين رفضوا الذهاب إلى بغداد»، معتبرين «من يصر على ذلك مجموعة من المندسين الذين يريدون تهديد أمن ووحدة العراق من خلال إشعال فتنة طائفية». وشدد البيان الختامي للمؤتمر على أن «العشائر في كربلاء ستقف وقفتها لحماية بغداد والحفاظ عليها كمدينة للسلام والمحبة»، رغم دعوة البيان الحكومةَ الى «تلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين»، رافضاً في الوقت ذاته «المَطالب المتمثلة بإسقاط الحكومة أو الدستور أو العملية السياسية أو الغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب». وذكّر البيان المتظاهرين ب «أن أكثر من 80 في المئة من العراقيين صوتوا لصالح الدستور وان المالكي منتخب».