عكس استمرار التظاهرات المناهضة للحكومة العراقية امس في جمعة «لا تُخادع» عدم تجاوب المحتجين في خمس محافظات مع سلسلة اجراءات ووعود لتلبية مطالب المتظاهرين الذين تزايدت اعدادهم في شكل لافت. وتظاهر الآلاف في محافظات الانبار والموصل وصلاح الدين وديالى وكركوك، منددين بسياسات الحكومة ومعربين عن رفضهم الوعود لتلبية مطالبهم وأطلقوا على تحركهم إسم جمعة «لا تخادع». في الانبار، معقل انطلاق التظاهرات منذ ثلاثة اسابيع، واصل آلاف المحتجين التظاهر قرب جسر البو فراج، شمال الرمادي، على الخط الدولي الرابط بين بغداد والانبار، وجددوا مطالبتهم بتنفيذ مطالبهم التي اعلنوها في التظاهرات السابقة. ورفع المتظاهرون لافتات بينها «لن تخدعنا بوعودك يا مالكي»، واخرى حملت صورة نائب رئيس الوزراء السابق سلام الزوبعي، موفد رئيس الوزراء الى الانبار، وكتبوا تحتها «هذا لا يمثلنا»، وناشدت لافتات اخرى الاممالمتحدة للتدخل. وفي مدينة الفلوجة، شرق الانبار، تجمع المتظاهرون ايضاً بمشاركة واسعة من رجال دين وشيوخ عشائر، ونددوا باغتيال النائب عن كتلة «العراقية» عيفان العيساوي قبل ايام، ورفعوا لافتات شككت بنيات رئيس الوزراء تحقيق مطالبهم. وقال شيخ عشائر الدليم في الانبار علي الحاتم في اتصال مع «الحياة» امس ان «تظاهرات اليوم (امس) ضربة قاصمة للحكومة ولرئيسها المعروف بالمماطلة والتسويف». وأضاف ان «المتظاهرين في اختيارهم اسم جمعة لا تخادع يكشفون وعي المجتمع»، وأشار الى ان «الوفد الحكومي الذي وصل إلى الأنبار برئاسة وزير الدفاع سعدون الدليمي تبلغ عدم وثوق المتظاهرين بأي لجان حكومية اعضاؤها يقتصرون على حزب الدعوة ومناصريه». ولفت الى ان «تظاهرات اليوم (امس) شهدت ارتفاعاً في سقف المطالب، إذ رفعت شعارات تطالب باستقالة الحكومة والمالكي». وفي قضاء سامراء التابع لمحافظة صلاح الدين اقام المتظاهرون صلاة جمعة موحدة في ساحة الاعتصامات في المدينة، وهاجم خطيب الجمعة محمود طه الحكومة بشدة وهدد بالتصعيد ورفع سقف المطالب. وقال الشيخ محمد طه ان «الوفود التي زارتنا بالأمس لم تحمل إلا الوعود ولم تقدم أي حلول وحتى الوعود لم توقع عليها في وثيقة ونحن نقول للمالكي لا تخادع ونطالبه بأن يسارع إلى تلبية مطالب المتظاهرين الفقراء والمستضعفين». وأضاف: «سميناها جمعة لا تخادع لأنه كم من الوعود اطلقتها الحكومة وكم من اللجان شكلت ولم يتحقق أي شيء. حتى بات الخداع والمماطلة والتسويف سمة الحكومة»، وشدد على ان التظاهرات هي «ضد الحكومة وليست ضد الشيعة». وكان نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني رئيس اللجنة الوزراية المكلفة تلبية مطالب المتظاهرين زار اول من امس مدينة سامراء للاطلاع على مطالبها، فيما زار وزير الدفاع مدينة الانبار للغرض ذاته. وتجمع المئات ايضاً في مدينة صلاح الدين في اقضية الشرقاط وبيجي وتكريت والضلوعية تاييداً للتظاهرات في الانبار. وفي نينوى تظاهر الآلاف، بعد صلاة الجمعة في ساحة الاحرار، وسط المدينة بدعم من مجلس محافظة المدينة الذي اعلن موافقته على التظاهر السلمي، وطالب قوات الامن بعدم التضييق على المتظاهرين. وقال محافظ نينوى اثيل النجيفي في اتصال مع «الحياة» امس ان «تنسيقاً جرى بين محافظات الموصل وصلاح الدين وسامراء والانبار لتوحيد مطالب المتظاهرين»، ولفت الى ان «اللجان المشتركة في هذه المدن اجمعت على ان الوعود التي اطلقها الشهرستاني قابلة للتنفيذ خلال 48 ساعة. لكنها تخضع للمماطلة مع استمرار المضايقات». وقال خطيب الجمعة في ساحة الاحرار الشيخ ابو صالح الحمداني على «الشعب ان ينتفض ضد الطغاة والظالمين ومن همش وأقصى أهل الموصل»، وأضاف «مرت على الموصل سنون عجاف يتمت وخربت بسبب الجور والظلم»، وطالب ب «إلغاء الدستور والتظاهر ضد الظالمين الذي اقصوا الموصل». وفي كركوك تجمع المئات من اهالي قضاء الحويجة في المساجد لاداء صلاة الجمعة على رغم تحذيرات سابقة لقيادة عمليات دجلة المسؤولة عن الملف الامني في المدينة. وتوافد آلاف المصلين في محافظة ديالى الى جامع «سارية» في بعقوبة لاداء صلاة الجمعة، وبعدها نظم المصلون تظاهرة واسعة رفعت لافتات مؤيدة للتظاهرات الجارية في الانبار ومطالبهم. وفي بغداد فرضت قوات الامن طوقاً امنياً مشدداً في محيط جامع ابو حنيفة النعمان في منطقة الاعظمية بالتزامن مع توافد المئات من المصلين الى الجامع للتظاهر بعد الصلاة. وفي منطقة العامرية طالب إمام وخطيب الجمعة بتعديل الدستور وإلغاء قانوني المساءلة والعدالة والارهاب، ودعا الحكومة الى وقف المداهمات الليلية واخراج الجيش من المدن. وقال الشيخ عدنان العاني ان «رابطة أئمة وعلماء المساجد في العامرية حددت عدداً من المطالب، تتضمن إلغاء قانوني المساءلة والعدالة، ومكافحة الإرهاب الى حين تشريع قانون بديل، والعمل بمبدأ التوازن في جميع دوائر ومؤسسات الدولة». وطالب الحكومة «بوقف عمليات الدهم الليلية وإخراج قوات الجيش من المدن لتتمركز في المناطق الحدودية». من جهته طالب معتمد المرجعية الدينية في كربلاء أحمد الصافي امس البرلمان «بأن لا ينشغل عن مهامه في تشريع القوانين»، ودعا السياسيين إلى «الابتعاد عن خلق أجواء التفتيت»، في اشارة الى قضية تشكيل الاقاليم. فتح المعابر إلى ذلك، اعلن مجلس محافظة الانبار فتح منفذي طريبيل والوليد الحدوديين مع الاردن وسورية فجر امس، بعد اغلاق دام أياماً بقرار من الحكومة المركزية، وعزت الحكومة قرار الاغلاق إلى التظاهرات الجارية في المدينة. من جهة أخرى تواجة اللجنة الوزراية التي شكلها مجلس الوزراء في 8 الجاري للنظر في مطالب المتظاهرين، برئاسة نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني ضغوط المتظاهرين من جهة، واعضاء التحالف الشيعي من جهة ثانية. واعترفت اللجنة خلال الايام الماضية بحصول اعتقالات عشوائية وتلكؤ في اطلاق معتقلين تبين انهم ابرياء. وأصدرت قرارات برفع حجز املاك اعضاء في حزب البعث المحظور، وتسلم طلبات جديدة لموظفين سابقين مشمولين بإجراءات قانون المساءلة والعدالة تم اقصائهم من وظائفهم. وفيما يشكك المتظاهرون بهذه الاجراءات، يتوقع ان يوجه جمهور «ائتلاف دولة القانون» انتقادات إلى نزعة رئيس الوزراء نوري المالكي، بعد ان كان المالكي يتوعد بملاحقة حزب البعث ومنعهم من العودة الى اماكن عملهم. وحذر النائب عن كتلة «دولة القانون» عبد المهدي الخفاجي الحكومة في بيان امس من اعفاء اعضاء حزب البعث من المسؤولية والمحاكمة وقال «نحذر من هذا الطريق الوعر فلم نسكت ولن