عندما كان ميلاد يوسفي طفلاً، حُرم من عزف الموسيقى لأنه كان يعيش في بلد خاضع لحكم حركة طالبان التي حظرت هذا الفن. منذ 5 سنوات فقط، بدأ ميلاد (18 سنة) بعزف البيانو في أفغانستان، وفاز أخيراً بالمرتبة الثالثة في مسابقة موسيقية في ألمانيا، وهو اليوم عضو في أوركسترا من 48 مراهقاً أفغانياً انطلقوا في جولتهم الأميركية الأولى التي تشمل حفلات موسيقية في صالات عريقة في واشنطن ونيويورك، وستعزف الأوركسترا غداً في مبنى «كارنيغي هول». ويقول يوسفي الذي يعتبر كلاوديو آرو وفلاديمير هوروفيتز، العازفَين المفضلين لديه: «إذا كان الإعلام ينقل أخبار الحرب، فستصبح هذه الصورة الوحيدة الذي يكوّنها العالم عن أفغانستان. وإذا عزفنا الموسيقى، ستتغير نظرة الناس إلينا». بدأت الأوركسترا جولتها الإثنين في وزارة الخارجية الأميركية، حيث تعرفت المجموعة المؤلفة من فتيان وفتيات تتراوح أعمارهم بين 10 سنوات و20 سنة، الى أحد معجبيها، وهو وزير الخارجية الجديد جون كيري الذي كشف لهم أنه كان عضواً في فرقة روك تدعى «إيليكتراس» عندما كان مراهقاً. وقال كيري (69 سنة): «أنا أعزف الغيتار أيضاً في منزلي». ووصف كيري ضيوفه الأفغان ب «سفراء السلام». ومن بين المقطوعات الموسيقية التي ستعزفها الأوركسترا، مقطوعتا «بوليرو» لموريس رافيل و«لي كاتر سيزون» (الفصول الأربعة) لفيفالدي التي عدّلوها بإضافة آلات موسيقية أفغانية تقليدية. ويشرح أحمد سارماست، مؤسس ومدير مدرسة الموسيقى في كابول: «يتوقع الجمهور سماع مقطوعة فيفالدي الكلاسيكية لكنه يفاجأ في منتصف «الفصول الأربعة» بألحان أفغانية». ويضيف إن المعهد الوطني الأفغاني للموسيقى أنشئ العام 2010 وهو «طريقتنا كي نقول للمجتمع الدولي إننا جزء منه وإننا نريد أن نكون جزءاً منه، فنحن نتكلم اللغة نفسها أي لغة الموسيقى». ويؤمن سارماست الذي نال دكتوراه في الموسيقى في أستراليا بينما كان في المنفى لبضع سنوات، بشباب بلاده، لكنه يشير إلى أن مشروعه يعتمد على التمويل الغربي. ويقول إن «ذهنية الشباب تغيرت إلى حدّ كبير. فالظروف اليوم لم تعد هي الظروف التي أدت الى وصول طالبان» إلى الحكم في التسعينات، مشيراً إلى الاحتجاجات التي أطلقها شبان، وخصوصاً موسيقيين، الصيف الماضي في مدينة هراة احتجاجاً على منع أحد رجال الدين المحليين حفلة موسيقية. وفي المدرسة ذاتها، يدرس 144 تلميذاً اللغة الانكليزية وأنواعاً موسيقية مختلفة، علماً أن هذا الأمر يثير استهجان الأكثر تحفظاً، لا سيما طالبان التي قد تحاول استعادة الحكم بعد انسحاب القوات الدولية من البلاد العام 2014. ويقول الأميركي ديريك بيكفولد (26 سنة) وهو يعلّم الساكسوفون في معهد كابول: «عزفت لهم مرة بعض المقطوعات، فجاءني صبي في اليوم التالي وقال لي: سيدي، هل يمكنك أن تعطيني كل الألبومات التي تملكها لتشارلي باركر؟». ويوضح أن الشبان الأفغان متعطشون إلى تعلّم الموسيقى، ويحبون موسيقى النجم النيجيري فيلا كوتي، وأيضاً الموسيقى الشعبية المغربية والاثيوبية.