كابول - أ ف ب - يجلس سيد إلهام خلف البيانو ويعزف مقطوعات لشوبان، حالماً بأن يصبح عازف البيانو الشهير الأول في أفغانستان، وأحد المتخرجين من أكاديمية الموسيقى الوحيدة في البلاد. يتمرن إلهام (14 سنة) خمس ساعات يوميا ليرتقي إلى مستوى أبطاله الموسيقيين، من المغني الأفغاني أحمد ظاهر الذي اشتهر في سبعينات القرن الماضي، إلى فرقة الهيفي ميتال الأميركية «سيستم أوف أيه داون». والواقع أن أحلام إلهام متواضعة، فهو يريد أن يكون معلماً لطيفاً وجيداً، وأن يعزف في حفلة موسيقية ضخمة». ويقول وهو يؤرجح حقيبته المدرسية الحمراء على الأرض بينما يعود إلى مفاتيح البيانو العاجية ليعزف أغنية أفغانية فولكلورية يمتزج فيها الفرح بالألم: «أحب موسيقى شوبان لأنها تحمل الكثير من المشاعر». بعد سقوط نظام طالبان الذي منع عزف الآلات الموسيقية، استعاد معهد الموسيقى الوطني الأفغاني أمجاده وفتح أبوابه قبل سنتين في موقعه الحالي في غرب كابول حيث يستقبل أطفالاً موهوبين من النخبة الصغيرة في البلاد، ويحتضن أيضاً الأطفال العاملين في شوارع العاصمة ليعلمهم ويحيي بريق الأمل في بلاد دمرتها الحرب. ويمارس المعهد أنشطته في رعاية وزارة التعليم وبفضل مساهمات سخية من بريطانيا وألمانيا والدنمارك. ويشجع أساتذة من روسياوالولاياتالمتحدة المواهب الصغيرة في المدينة. ويقول مدير المعهد أحمد سرمست: «كانت لدينا عازفة بيانو روسية تركت أثراً طيباً بعد رحيلها، وفي غضون ثلاثة أشهر تعلم إلهام أن يعزف مقطوعات يتطلب عزفها عادة ثلاث سنوات»، مشيراً إلى أن قطاع الأفلام والموسيقى الناشئ في البلاد قد يقدم فرص عمل لأصحاب الموهبة. وعلى رغم أن البعض يتوقع عودة حركة طالبان في ظل الجهود المستمرة الهادفة إلى وضع حد للحرب التي استمرت عشر سنوات، يحافظ سرمست وتلاميذه الصغار من الذكور والإناث على عزمهم، وتدوّي موسيقاهم في أروقة المعهد المرممة. ويعلم المعهد التلاميذ أيضاً منهجاً موحداً في اللغة الانكليزية والعلوم ويشجعهم على التعبير عن آرائهم خلافاً لما كان سائداً في عهد «طالبان». ويملأ التلاميذ البالغ عددهم 140 غرفة معدة للتمرين الأوركسترالي، ويؤدون معاً أغنية «صلاة من أجل السلام»، بينما تتحد الآلات النحاسية والوترية وآلات النفخ والطبول والمقطوعات الأفغانية التقليدية لتعبر مجتمعة عن رسالة أمل. ويتجاهل سرمست، الذي تدرب في موسكو وأمضى وقتاً في أستراليا قبل أن يعود إلى أفغانستان عام 2008، التكهنات بشأن عودة طالبان إلى الحكم ويعمل على مشروعين طموحين، فهو يريد أن يأخذ أوركسترا المعهد الشابة إلى الولاياتالمتحدة السنة المقبلة لتعزف في قاعة كارنيغي في نيويورك، وفي مركز كينيدي في واشنطن، وأن ينشئ من نقطة الصفر أوركسترا سمفونية ترتقي إلى مستوى المعايير الدولية. ومن التجارب الناجحة التي شهدها المعهد تجربة فتاة في الرابعة عشرة من العمر هي واحدة من الفتيات اللواتي يمثلن ثلث التلاميذ في المعهد بموجب الحصة التي اعتمدت لتحسين وضع النساء الأفغانيات اللواتي ما زلن يكافحن من أجل التعلّم في بلد محافظ. فبعدما كانت تعيش في مأوى لأطفال الشارع وتبيع العلكة وتلمع الأحذية، انتقلت قبل سنتين إلى مسكن جديد بحثاً عن العلم وفرصة تعلم العزف على آلتها المفضلة التشيلّو.