من المتوقع أن يكون عام 2013 عام التحدي الأكبر لأمن الإنترنت في الشرق الأوسط، خصوصاً للهواتف الذكيّة، وفقاً لتصوّرات ديفيد غورديانيسكي الرئيس التنفيذي لشركة «آنكورفري» Anchorfree الأميركية، وهي إحدى أبرز الشركات في الخصوصية والأمن على الإنترنت. وفي بيان تفصيلي، وضع غورديانيسكي الخطوط العريضة لسلسلة من توقّعاته للعام الجاري، مثل تصاعد الهجمات الفيروسية التي تستهدف نظام «آي أو إس» IOS الذي صنعته شركة «آبل» Apple في 2007، لتشغيل جهازي «آي فون» iPhone و»آي باد» iPad، والنمو غير المسبوق للتهديدات التي تستهدف نظام «آندرويد» Android لتشغيل الهواتف الذكية، وزيادة سرقات الهويّة، وتراجع مكانة برامج مكافحة الفيروسات وغيرها. وأعرب غورديانيسكي عن اعتقاده بأن عام 2013 يشهد زوبعة من التفاعلات عبر الإنترنت في الشرق الأوسط، بداية بشبكات الحوار الشخصي والنقاش السياسي وانتهاء بالشبكات التي تربط المؤسسات والشركات وحمايتها. وأشار إلى أن الحدود بين العالمين الحقيقي والافتراضي أصبحت مُبهَمة. وأضاف: «بما أن الهواتف الذكية صارت في متناول اليد، والحواسيب اللوحية متاحة أمام الجميع، فإن سكان المنطقة يتواصلون مع بعضهم بعضاً كما لم يحدث من قبل، إذ أصبح استخدام الإنترنت شيئاً يجري بصورة تلقائية، لأنه يمثل الحال الافتراضية لوجود الناس». وعلى سبيل التعريف، تعمل شركة «آنكورفري» في مجال الأمن المعلوماتي. وتحرص الشركة على جعل المستخدم متمكّناً من تأمين حضوره ومعلوماته الشخصية على الإنترنت. وتتمثل رسالة الشركة بإتاحة الوصول الآمن إلى المعلومات على الإنترنت، وهي فضاء افتراضي يتعامل مع 5 بلايين مستخدم يتصلون بهذه الشبكة عبر أجهزة متنوّعة. ويتمحور عمل «آنكورفري» على التطبيق «هوت سبوت شيلد» Hot Spot Shield، الذي يعتبر من أكثر التطبيقات رواجاً للتصفّح الآمن على ال «ويب». يؤمّن هذا التطبيق الاتصالات المختلفة عبر الإنترنت، مقدّماً الحماية للهويّة الشخصية الإلكترونية، ومتيحاً إمكان النفاذ إلى محتوى الإنترنت كله. يُذكر أيضاً أن «آنكورفري» شركة خاصة تتخذ من «ماونتن فيو» في ولاية كاليفورنيا الأميركية مقراً لها. وفي العام الجاري، تتوقّع «آنكورفري» أن تتعرض شبكة الإنترنت في الشرق الأوسط للموجة الأضخم حتى الآن من التحديات الأمنية المستدامة والمتعددة الأوجه. وتبدي قلقها من واقع أن كثيراً من الأفراد والشركات دخلت العام 2013، من دون اتخاذ تدابير حماية كافية لأجهزتهم الإلكترونية، أو من دون وعي تام بالقضايا الرئيسية لمشاكل الأمن على الشبكات الإلكترونية والرقمية. «آندرويد» يقاوم ولكن... في سياق توقّعاته عن مجريات 2013، قال غورديانيسكي: «في العام المنصرم، هاجم فيروس إلكتروني من فئة «حصان طروادة» حمل اسم «فلاش باك» Flash Back، قرابة 400 ألف جهاز من نوع «ماك». لم تكن هذه الهجمة سوى استعراض للقوة. ستكون أجهزة «آبل» التي كان يعتقد أنها في مأمن من الفيروسات الإلكترونية، عُرضة لهجوم فيروسي كبير أشدّ فتكاً من «فلاش باك». ويشمل هذا الأمر ما تصنعه «آبل» من حواسيب المكتب والألواح الإلكترونية والأجهزة الذكيّة. وبطبيعة الحال، فإن الهجوم على الأجهزة إنما يمثل تحدّياً أمنيّاً بارزاً لمستخدمي أجهزة «آبل»، بأثر من تعرّضهم أيضاً لأخطار الاختراقات الأمنية وانتهاك الخصوصية على الإنترنت، إضافة إلى سرقة كلمة المرور وانتحال الهويّة الإلكترونية، على غرار ما كان يحصل لمستخدمي الكومبيوتر الشخصي المعتمد على نظام التشغيل «ويندوز» أو غيره. وليس سرّاً أن مستخدمي الأجهزة التي تعمل بنظام «آندرويد» سوف يصبحون عرضة لخطر ظهور تطبيقات مؤذية، بمعنى أنها تخترق النظام وتنفّذ أهداف صُنّاعها. ومع وجود مؤسسات كثيرة تعتمد على هذا النظام، بسبب سهولة استخدامه، فلربما شهد العام الجاري ارتفاعاً في معدلات استهدافه بالفيروسات الإلكترونية». وبقول آخر، ربما تعرّض قرابة 18 مليوناً من مستخدمي «آندرويد» لبرمجيات مؤذية، وفقاً للأرقام التي صدرت أخيراً عن شركة «لوك آوت سيكيورتي» Look Out Security المهتمّة بالأمن المعلوماتي. وإذا لم يبذل تقنيّو المعلوماتية في الشركات والمؤسسات، جهوداً مُكثّفة في الأمن المعلوماتي، فلربما تغدو من ضحايا الفيروسات والهجمات والاختراقات خلال 2013. في السياق عينه، توقّع غورديانيسكي أن تشهد سرقة الهويّة الرقمية للأفراد، ارتفاعاً متزايداً في الشرق الأوسط، على غرار المناطق الأخرى. وأشار إلى ضرورة أن يتعوّد الناس على التكيّف مع متطلبات حماية بياناتهم الشخصية المُهمّة. وفيما سُجّل أن قرابة 120 مليون شخص، وضعوا برامج إلكترونية من صنع شركة «آنكورفري» تحميهم من سرقة هويّاتهم الشخصية، ما زال مئات الملايين ممن يقفون في مهب الريح على الإنترنت، بمعنى أنهم لا يهتمون بأمن بياناتهم وأجهزتهم، ما يضعهم في مهب رياح اعتداءات رقمية تشمل سرقة على هوياتهم. وبذا، لن يكون عام 2013 عاماً سعيداً لهذه الفئة من الجمهور الإلكتروني. سرقة الهويّة في الأعوام الماضية، تعرض كبار اللاعبين في قطاعات التقنية والصيرفة والتجارة والمعلوماتية والدفاع، بداية من «غوغل» و»لينكد إن» LinkedIn ومروراً ب»لوكهيد مارتن» و»سيتي بنك»، لاختراقات إلكترونية واسعة. وفي العام 2012، حدث اختراق الموقع الشخصي ل»مات هونان»، الكاتب في موقع «وايرد» Wired العلمي الواسع الشهرة. وحظي هذا الاختراق بتغطية إعلامية مكثفة. ويدّل هذا الاختراق على أنه حتى أشد المستخدمين يقظة، ربما تعرّض لجرائم الفضاء الافتراضي. ولأن القرصنة الإلكترونية التي تعرض لها جهاز الألعاب «بلاي ستيشن 3» Play Station 03 لا تزال تشغل الأذهان، فإن عالم الألعاب تبقى هدفاً ثابتاً بالنسبة إلى هجمات سرقة المعلومات والبيانات عبر الشبكات. ومن غير مجازفة كبرى، من المستطاع القول إن جمهور الألعاب الإلكترونية، يمثّل شريحة مستهدفة (إضافة لكونها مُربِحة) للقراصنة في الفضاء الافتراضي. واستطراداً، ربما لا ينتبه من يسلّم طوعاً بيانات بطاقات الائتمان أو أرقام حسابات بنكية رقمية (كتلك التي تستعمل في موقع «باي بال» Pay Pal للدفع الإلكتروني)، إلى أنه يفتح مساراً مكشوفاً لجشع قراصنة الكومبيوتر الذين يُتوقّع أنهم يطمعون بتجاوز حدودهم، وتسجيل هجمات أشد جرأة خلال 2013.