كشفت تصريحات أدلى بها المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين» الأردنية همام سعيد أمس في شأن إمكان مشاركة الجماعة في الحكومة المقبلة التي يتوقع الإعلان عنها في غضون أيام، بوادر خلاف بين قيادات «الإخوان» المحسوبة على تياري «الصقور» (المتشدد) و»الحمائم» (القريب من السلطة). وقال سعيد المعروف بمواقفه الصلبة تجاه النظام الأردني إن «الجماعة ترفض المشاركة في الحكومة المقبلة لأن ذلك يتعارض مع التزاماتها». وأضاف في بيان نشره على موقع الجماعة الإلكتروني أن «ما يجري من حديث عن تشكيل حكومات يشارك فيها الإخوان هو خارج سياق ما التزمته الجماعة، والمتمثل في أن يكون الطريق إلى أي حكومة جديدة من خلال إحداث تغيير في بنية النظام وتحقيق إصلاحات تجعل الشعب صاحب السلطة»، في إشارة إلى الحد من صلاحيات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني. واعتبر أن «العروض الجانبية» التي تلقتها الجماعة أخيراً من بعض الجهات ل «إدماجها» في العملية السياسية بعد مقاطعتها الانتخابات البرلمانية الأخيرة «مرفوضة شكلاً وموضوعا». وجاءت تصريحات الرجل الأول في التنظيم السياسي الأبرز في البلاد، لتؤكد أيضاً ما يبدو أنه «اشتباك» سياسي وبرامجي غير مسبوق داخل التيار «المتشدد» نفسه، إذ أنها صدرت عقب ساعات قليلة على تصريح أدلى به القيادي «الصقوري» النافذ زكي بني أرشيد الذي اعتُبر خلال الأشهر الأخيرة عاملاً قوياً في تمكين سعيد من الوصول إلى مقاليد حكم الجماعة الأردنية. وقال بني ارشيد في تصريحات حملت مواقف جديدة أمس إن «الجماعة ستدرس أي عروض تقدم إليها من جهة صاحب القرار للمشاركة في الحكومة المقبلة»، بعد أن أكد سابقاً ل «الحياة» إصرار مؤسسة «الإخوان» على «مقاطعة» البرلمان الأردني بشقيْه «النواب» و»الأعيان» وأي تشكيل حكومي مرتقب. وفي سؤال ل «الحياة» عن تباين التصريحات الصادرة عن بعض قيادات «الإخوان» في هذا الخصوص، أجاب بني أرشيد: «أفضل عدم الرد حالياً على هذا السؤال. لدينا اجتماع داخلي مساء غد (اليوم)، وسنخرج بموقف معلن إلى الجميع». وإلى جانب تصريحات الأخير التي بدت أكثر «مرونة» هذه المرة، قال القيادي «الحمائمي» البارز عبداللطيف عربيات ل «الحياة» إن «علينا درس أي عروض تقدم قبل إصدار القرار». واشترط عربيات، وهو وزير ورئيس برلمان سابق، للمشاركة في الحكومة المقبلة أن تكون حكومة «إنقاذ وطني» تجمع القوى السياسية المختلفة، إلى جانب جدولة المطالب «الإصلاحية» وفق خطة زمنية يضمنها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني نفسه، مؤكداً في الوقت ذاته التزامه قرارات الجماعة الرسمية. وتزامنت المواقف «المتباينة» لقيادات «الإخوان» مع كشف شخصيات بارزة في أحد الأحزاب الإسلامية التي فازت أخيراً في الانتخابات ل «الحياة» انها أجرت اتصالات مباشرة مع قيادات «إخوانية» ل «إدماجها» في الحكومة المقبلة. وعلمت «الحياة» من مصادر رسمية وأخرى قريبة من صنع القرار أن حزب «الوسط الإسلامي» الذي فاز ب 17 مقعداً برلمانياً والمكوّن من بعض القيادات المنشقة عن «الإخوان» وبعض القريبين من السلطة، تلقى خلال اليومين الماضيين موافقة ضمنية من إحدى الجهات الرسمية لإجراء حوارات جديدة مع قيادات «إخوانية» محسوبة على التيار «المعتدل»، في سياق «طرح معادلة جديدة تكون أكثر توافقية مع الجماعة». وقال رئيس المكتب السياسي في «الوسط الإسلامي» مروان الفاعوري إن «اتصالاتنا مع قيادات الإخوان هدفها إخراج البلاد من أزمتها الراهنة». وأكد أن «مشاورات رسمية» ستبدأ الأسبوع الجاري بين الكتل النيابية الرئيسة ومؤسسة «الديوان الملكي» للبحث في شكل الحكومة المقبلة. إلى ذلك، جدّد رئيس البرلمان السابق، زعيم حزب «التيار الوطني» عبدالهادي المجالي أمس تمسكه باستقالته من البرلمان ال 17 احتجاجاً على عدم «نزاهة النتائج الخاصة في الانتخابات»، فيما أكدت مصادر قريبة من هذا الأخير ل «الحياة» أن قيادة الحزب (الذي يضم المئات من أركان الدولة السابقين) تتجه إلى غلق فرعها الأخير في عمان بعد أن كانت أغلقت جميع فروعها في المحافظات عقب ظهور النتائج. وقال المجالي في تصريحات: «اعترضنا في حزب التيار على آلية حسبة القوائم العامة، وقلنا إنها غير صحيحة وغير دقيقة». وفي ما يخص اتهامات الحزب بوجود أطراف داخل الدولة «سعت إلى تحجيمه واستهدافه»، من دون أن يسميها، اكتفى المجالي بالتعليق على هوية تلك الجهات، قائلاً: «من الصعب توضيح ذلك». وتولى المجالي، وهو أحد أركان النظام السياسي خلال العقدين الماضيين، رئاسة البرلمان الأردني في 9 دورات منذ عام 1997 حتى عام 2009، وهو صاحب أعلى رقم في الجلوس على سدة الرئاسة منذ عودة الحياة الديموقراطية الى الأردن عام 1989.