في وقت يراوح الحراك الأردني المحتج على رفع أسعار المحروقات بين مد وجزر، سواء في حجم الفعاليات اليومية التي ينظمها أو في سقف الشعارات المرفوعة، حسم مجلس شورى جماعة «الإخوان المسلمين»، أعلى هيئة تنظيمية داخل الجماعة، اول من امس موقفه من شعار «إسقاط النظام»، رافضاً خلال اجتماع طارئ «انجرار» كوادره وأنصاره إلى مثل هذه الشعارات، وفق قيادات «إخوانية» تحدثت إليها «الحياة». وجاء هذا الرفض بعد أن ردد الآلاف من كوادر الجماعة، خصوصا الشباب، خلال الاحتجاجات الأخيرة شعارات طالبت صراحة بإسقاط النظام إثر قرار الحكومة رفع أسعار المحروقات في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، ما تسبب باعتقال مئات المتظاهرين بتهمة «تقويض نظام الحكم»، بينهم 45 عضواً «إخوانياً»، وفق القيادي البارز في الجماعة مراد العضايلة. وحسب معلومات مؤكدة حصلت عليها «الحياة»، رفض مجلس الشورى خلال اجتماع لم تعلن تفاصيله الكاملة بعد، تبني الشعارات الداعية ل «إسقاط النظام»، وأكد ضرورة الاستمرار برفع شعار «الشعب يريد إصلاح النظام» الذي تبنته الجماعة منذ انطلاق الحراك الشعبي في كانون الثاني (يناير) عام 2011. في السياق ذاته، ناقش المجلس بشكل موسع خلال اجتماعه المذكور، تقريراً سياسياً رفعه المكتب التنفيذي للجماعة في شأن التطورات الأخيرة في البلاد. ووفق قيادات «إخوانية»، شهدت الجلسة نقاشاً حاداً بين من دعا إلى مواصلة اعتماد شعار «إصلاح النظام»، وهم قيادات محسوبة على تياري (الحمائم والوسط)، وبين من دعا للتحول نحو شعارات «الإسقاط» من المحسوبين على التيار المتشدد (الصقور)، في حين ذهب تيار ثالث (مستقل) لاعتماد شعار آخر «يعبر عن انتقال الإخوان نحو مرحلة جديدة». ووفق القيادات نفسها، فإن غالبية أعضاء الشورى الذين حضروا الاجتماع، قررت الإبقاء على سياسة الجماعة الحالية وعدم الانتقال لأي شعار آخر، باعتبار أن «شعارات الإسقاط رفعت بشكل انفعالي ولم تكن مدروسة، وجاءت كردة فعل على قرار رفع الأسعار». وقال الرجل الثاني في جماعة «الإخوان»، زكي بني أرشيد ل «الحياة»، إن «الحركة الإسلامية ما زالت ملتزمة بسقفها، وهو إصلاح النظام، ولم نتبنَّ أو نتحول نحو شعار إسقاط النظام». وأوضح أن التظاهرات التي شهدتها المملكة أخيراً «كانت شعبية بامتياز، ولم يكن جمهورها من الإسلاميين فقط، والهتافات التي صدرت كانت عفوية». وسخر بني أرشيد من حديث جهات سياسية عن «صفقات» بين النظام الأردني و «الإخوان» دفعت الجماعة إلى التراجع عن شعار «إسقاط النظام». والمفارقة، أن بني أرشيد كان قال ل «الحياة» في وقت سابق، إن «الأردن أمام خيارات ثلاثة: إما استمرار الفساد، أو الإصلاح، أو التوجه نحو إسقاط النظام»، وهو ما اعتبره سياسيون ومحللون تحدثت إليهم «الحياة»، «محاولةً للضغط على مطبخ القرار الرسمي عبر التلويح بورقة إسقاط النظام». وكانت لافتة التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء عبدالله النسور أمس، وجاء فيها: «إننا والإخوان (معتادون بعضنا على بعض)، وإننا نمد أيدينا لهم ونمدها في الحاضر والمستقبل، ونرحب بهم بكل صدق وحميمية وانفتاح». واللافت أيضا أن هذه التصريحات جاءت وسط حال من التوتر غير المسبوق بين الدولة وجماعة «الإخوان»، وبعد يوم واحد على نشر «الحياة» معلومات تكشف عن مبادرة جديدة طرحها النسور على مرجعيات عليا داخل الدولة تتضمن العودة إلى محاورة المعارضة و «الإخوان»، لضمان مشاركتهم بالانتخابات النيابية المقررة مطلع العام المقبل. إلى ذلك، قال العضايلة إن «الأجهزة الأمنية لا تزال تنفذ حملات اعتقال في حق الناشطين، وعدد المعتقلين وصل إلى 300 بينهم 45 من كوادر الإخوان». وحمّل السلطات المسؤولية عما وصفه «الخطوات الاستفزازية والإجراءات الظالمة التي ستكون لها تداعيات شعبية كبيرة». بموازاة ذلك، أصدر المركز الوطني لحقوق الإنسان (تموله الحكومة) بياناً نادراً أمس وصلت «الحياة» نسخة منه، اتهم أجهزة أمنية «بتسهيل مهمة مناوئين للاعتداء على ناشطي الحراك». وفي إطار متصل، قال ناشطي الحراك الشعبي في بيان، إن «عدد معتقلي الاحتجاجات الأخيرة الذين دخلوا إضراباً عن الطعام بلغ 18، وإن أحدهم، وهو المعتقل باسم الروابدة، قرر توقيف إضرابه أمس بعد 6 أيام من الإضراب نتيجة تدهور وضعه الصحي». وقالت عائلة المعتقلة منذ 12 يوماً علا صافي، إنها واصلت إضرابها عن الطعام لليوم الرابع على التوالي.