اهترأَت كلمة «كبت»، لكثرة استخدامها من المبررين لسلوك السعوديين في وسائل التواصل الاجتماعي الرقمية (مجموعات البريد الإلكترونية، بلاك بيري ماسنجر، وآتساب، يوتيوب، فيسبوك، تويتر، كييك...). وبغض النظر عن مدى علاقة «الكبت» بذلك، فإن سلوك السعوديين في تلك الوسائل مُنطَلَقٌ للتساؤل عن غياب المراقبين للتحولات الاجتماعية، في مجتمع كان شبه مغلق على نفسه قبل هذا الانفتاح السريع على العالم وعلى أفراد المجتمع ذاته بين بعضهم البعض. ويُلح هذا التساؤل في ظل اتضاح الفوارق بين أفراد المجتمع السعودي، أو بين أجياله، أو بين سكان مناطقه ومدنه، أو بين المتحررين فيه والمحافظين، أو بين ما يقال في العلن، وما يقال من وراء أسماء مستعارة، وبين ما يُشاهد مع جماعة أو ما يُشاهد على انفراد، وعلاقة ذلك كله بمفهوم التعايش مع الآخر الذي «يُشبهك» و»لا يُشبهك» في آن لذلك هو آخر. قبل نحو عامين، تصارع السعوديون في «تويتر». تراشقوا. تسابوا. اليوم هدأ الصراع. هدأ الشقاق. هدأ، لكنه لم ينته. كان «الإنترنت»، قبل أعوام، كله «شر»: أيام «غرف الدردشة» و»منتديات التعارف» وال «بالتوك» وال «هوتميل ماسنجر» وال «ياهو ماسنجر» وسواها... كانت مجموعات البريد الإلكترونية تطفح ب «الشر».. فيديوهات منتجة محلياً! أيام «جوال الباندا»، وبداية شغف السعوديين بتصوير كل شيء مرئياً، حين صارت الكاميرا جزءاً من الهاتف، ولم تستر حتى غرف النوم. الوسائل لم تخلق ذلك «الشر»، إنما السلوك خلقه. السلوك الاجتماعي قد يتغول ليأكل وسيلة ما، ويُظهرها «شراً»، مع الأخذ في الاعتبار نسبية «الشر»، واختلاف التفسيرات في شأن ما يمكن أن يعتبر «شراً مقصوداً بذاته»، أو ما يمكن أن يعتبر «شراً لا يتجاوز حدود الفرد الذي أنتجه». بلى، السلوك السعودي في وسائل التواصل الاجتماعي الرقمية في حاجة إلى «بحث اجتماعي»، يبحث عما يجمع المجتمع لا ما يفككه، من دون إلزام أحد بشيء ومن دون طمس التعدديات. من قال إن ل «الكبت» يد، ربما يكون غير مخطئ في كلامه، لكن البحث العلمي يدقق في ذلك لا التكهنات. بحث يقوم به مراقبون، مختصون كل في مجاله. مراقبون مطلعون ونزهاء. مطلعون بمقدار ما على تاريخ السعودية المعاصر وتكوين المجتمع وتعدد ثقافاته. مراقبون ليسوا منحازين في الصراع بين التيارات والتعدديات، ولا تحكمهم الكليشيهات أو الأيديولوجيات أو العرقيات، أو حتى مفهوم «الأخلاق» النسبي. حين تُركت الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي للمراهقين، طفحت بما يشغلهم، و»العم غوغل» والمجموعات البريدية كانت شاهداً آن ذاك. هل تعلمت «النخب» من الدرس؟ ربما. [email protected]