قال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إن الانتخابات البرلمانية التي أجريت أول من أمس «تؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ البلاد»، في وقت شهدت مدن الجنوب والوسط والشمال الأردني أعمال شغب واسعة تصدى لها الأمن، وذلك غداة إعلان النتائج الأولية للانتخابات التي أظهرت تقدم القوى العشائرية والمحافظة (المحسوبة على الحكومة)، إلى جانب العشرات من رموز البرلمان السابق وكثير من رجال الأعمال. وقال العاهل الأردني مساء، خلال لقائه مجموعة من المراقبين الدوليين ممن أشرفوا على الانتخابات، إن «العملية التصويتية عكست حرص الأردنيين على تعميق مشاركتهم في الحياة السياسية وعملية صنع القرار، وأسست لمرحلة جديدة في تاريخ الأردن». وأضاف أن «مرحلة ما بعد الانتخابات ستبدأ من مجلس النواب المقبل، ويبدأ معها نهج التكتلات النيابية، والتشاور مع المجلس لاختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة». وجدد التأكيد على أن «مسار الإصلاح التدريجي الذي يستند إلى التوافق ويحترم تعددية الأفكار والتوجهات لقوى المجتمع ومكوناته هو ما يضمن تطوير مسيرة الإصلاح في المملكة وتعزيزها». بموازاة ذلك، تجددت أعمال الشغب مساء أمس في عدد من المناطق العشائرية، وأُحرقت مؤسسات ودوائر حكومية، وتم الاعتداء على مصارف تجارية، خصوصا في مدن معان (جنوب) وذيبان ومادبا (وسط) والفحيص(غرب) احتجاجاً على النتائج الأولية التي أظهرت خسارة أعداد كبيرة من مرشحي تلك المناطق. وكانت مدن الكرك والعقبة (جنوب) وجرش وعجلون والمفرق (شمال) عاشت أعمال شغب واسعة منذ الصباح، قبل أن تتصدى لها قوات الأمن باستخدام الغاز المسيل للدموع. وتوفي شاب عشريني وأصيب اثنان بعيارات نارية في معان، فيما سجلت عشرات الإصابات المتوسطة والطفيفة في مدن أخرى إثر اشتباكات متقطعة بين أنصار الفائزين ومن لم يحالفهم الحظ. وعبرت النتائج الأولية للانتخابات عن مفاجأة لم تكن متوقعة بحصول حزب «الوسط الإسلامي» على نحو 17 مقعدا، وهو أحد الأحزاب الأردنية التي طالما افتقدت للحاضنة الشعبية، ويعتبر نتاجاً لبعض المنشقين عن جماعة «الإخوان المسلمين» وآخرين يعرفون بانتماءاتهم الرسمية. وفيما لوّح رئيس البرلمان السابق عبد الهادي المجالي، وهو أحد أبرز القريبين من السلطة، بتقديم استقالته من البرلمان الجديد احتجاجاً على فوزه بمقعد يتيم عن قائمة التيار «الوطني» التي يتزعمها، أعلنت الإعلامية البارزة رولا الحروب التي فازت بالسباق الانتخابي، أنها ستقدم استقالتها احتجاجاً على «تزوير الدولة لصالح حزب الوسط الإسلامي». لكن رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات عبدالإله الخطيب قال في مؤتمر صحافي مساء إن «الهيئة عملت بكل وضوح، والمواطن هو الحكم في الرد على أي ادعاءات بالتزوير». وكانت الهيئة أعلنت أول من أمس أن عدد الذين أدلوا بأصواتهم بلغ مليوناً و287 ألفاً و760 شخصاً، فيما بلغت نسبة الاقتراع النهائية، بالاعتماد على عدد المسجلين للانتخاب وهو 2.3 مليوناً، نحو 56.69 في المئة، في حين يبلغ العدد الإجمالي لمن يحق لهم الانتخاب نحو 3.1 مليون نسمة. ووسط جدل محتدم ما بين الدولة و»الإخوان» (المعارضة الأبرز في البلاد)، يبدو أن الأسئلة الكبرى في شأن البرلمان الجديد ستبقى معلقة لمعرفة ما إذا كان انتخابه سيؤدي الى حل الأزمات السياسية والاقتصادية في البلاد التي شهدت حل برلمانيْن خلال السنوات الخمس الماضية شابت انتخاباتهما عمليات تزوير وتجاوزات واسعة اعترفت بها الجهات الرسمية.