يتوجه الأردنيون اليوم إلى صناديق الاقتراع في مدن المملكة لانتخاب أعضاء البرلمان السابع عشر، وسط أجواء مشحونة ما بين الدولة وجماعة «الإخوان المسلمين». ويشارك في الانتخابات حوالى مليونين و272 ألف و182 مواطناً، يمثلون حوالى 70 في المئة ممن يحق لهم التصويت والبالغ عددهم 3.1 مليون، فيما يقارب عدد سكان المملكة 6.7 ملايين نسمة. واستقر العدد النهائي للمرشحين على 1425 مرشحاً، بينهم 191 امرأة و139 نائباً سابقاً، تقدموا بطلبات للتنافس على 150 مقعداً. وبلغ عدد القوائم الوطنية المترشحة للانتخابات 60 قائمة تضم 820 مرشحاً. وحدد قانون الانتخاب الجديد عدد مقاعد مجلس النواب ب150 بدلاً من 120، بينها 15 مقعداً خصصت للمرأة (كوتا)، و17 مقعداً للقائمة الوطنية وبالباقي ل «الصوت الواحد». ويعتبر عدد المرشحين في انتخابات اليوم الأكبر في تاريخ البلاد، وسبق أن ترشح لانتخابات عام 2010 حوالى 760 شخصاً فقط. ووفق الهيئة المستقلة المشرفة على الانتخابات، ستجرى عملية الاقتراع بحضور 7020 مراقباً محلياً و512 مراقباً دولياً، إلى جانب 28 منظمة دولية وعربية ومحلية. كما سيحضر اليوم الانتخابي للمرة الأولى في تاريخ البلاد 80 مراقباً تقريباً يمثلون الاتحاد الأوروبي برئاسة عضو البرلمان الأوروبي ديفيد مارتن، وستكون مهمتهم مراقبة عملية الاقتراع والعد وجدولة النتائج في محافظات المملكة ال12. وتجرى الانتخابات النيابية في الأردن وفق الدستور مرة كل 4 سنوات، إلا أن انتخابات عام 2010 أجريت قبل 3 سنوات بعد أن حل العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني برلمان عام 2007 إثر احتجاجات شعبية واسعة. «رسائل تهديد» وتأتي هذه الانتخابات أيضاً على وقع أزمة «مستحكمة» ما بين الدولة و «الإخوان المسلمين»، وهم الفريق السياسي الأكبر في البلاد، إذ أعلنت مصادر قيادية داخل الجماعة قبيل ساعات على موعد الانتخاب، تلقيها رسائل «تهديد» من النظام وصلت إلى حد التلويح بحل التنظيم «الإخواني» المنتشر في المحافظات المختلفة، إلى جانب سحب التراخيص الممنوحة له. وقال الرجل الثاني في الجماعة زكي بني أرشيد في تصريحات إن «الجماعة لم تجد في هذه الرسائل جديداً». وأردف أن «حضور ملف حل الجماعة على طاولة البحث لدى صناع القرار أمر مستمر»، قائلاً: «تعودنا على فتح ملفات شرعية الجماعة عند كل اختلاف أو اشتباك سياسي». وكانت جماعة «الإخوان» أعلنت في تموز (يوليو) الماضي مقاطعتها الانتخابات، معتبرة أن المجلس النيابي المقبل «سيكون استنساخاً للمجلس السابق». في المقابل، أكدت الحكومة الأردنية أنها استكملت الاستعدادات والترتيبات لإجراء انتخابات مجلس النواب الأردني الجديد. وتعهدت الحكومة في بيان أمس أن تكون الانتخابات «حرة» و «نزيهة» و «شفافة»، مؤكدة أنها «تقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين». وقال رئيس الحكومة عبدالله النسور إن «الانتخابات ستكون نظيفة، ولن يكون للحكومة والدولة بكل أجهزتها تدخل مباشر أو غير مباشر بها». وتابع أن «الهيئة المستقلة للانتخاب هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن إدارة الانتخابات والإشراف عليها». من جهة أخرى، بدأت قوة شرطية يزيد قوامها على 47 ألف ضابط وضابط صف من وحدات الأمن العام المختلفة، منهم 17 ألف دركي، باستلام أماكنها في الشوارع والميادين العامة أمس لتأمين الحراسة اللازمة لمراكز الاقتراع والفرز، على ما أفاد بيان صادر عن مديرية الأمن الأردنية. وجاء في البيان أن «الواجب الرئيس لتلك القوة سيتركز على تأمين الحماية لمداخل مراكز الاقتراع والفرز ومحيطها ولمنع وقوع الفوضى». بموازاة ذلك، دخلت مرحلة «الصمت الانتخابي» حيز التنفيذ مع انتصاف ليل الإثنين - الثلثاء، والتي يحظر بموجبها على المرشحين عقد أية مؤتمرات أو المشاركة في تجمعات أو تظاهرات تدعو أو تحض المواطنين على انتخابهم. وفي تطور لاحق، رفضت محكمة بداية عمان أمس أيضاً طلبات إخلاء سبيل بعض المرشحين المتهمين باستخدام «المال السياسي» لشراء أصوات المواطنين. ووصل عدد المرشحين المحتجزين في سجن الجويدة الشهير (جنوب عمان) حتى يوم أمس 4 مرشحين، فيما أعلنت المحاكم التحقيق مع 6 آخرين. وقال رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب عبد الإله الخطيب إن «الهيئة لن تتأخر أبداً خلال اليوم الانتخابي في تزويد الجهات المعنية بأسماء الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم انتخابية، عندما تتوافر لديها الأدلة». وتسعى السلطات في هذه الأثناء إلى بذل كل ما تستطيع في مقابل رفع نسب المشاركة في العملية الانتخابية، إذ أكدت اتخاذها إجراءات سريعة وحاسمة في ما يخص محاربة الفساد و «المال السياسي». كما سعت أخيراً إلى إحالة رجل الأعمال الشهير وليد الكردي على القضاء بتهم يشوبها فساد، علماً أنه زوج الأميرة بسمة بنت الحسين عمة العاهل الأردني. ومثل هذه الخطوة رأى فيها عدد كبير من المراقبين والمعلقين السياسيين محاولة من جهة الدولة لتحفيز المواطنين على المشاركة في انتخابات اليوم. وكان سياسيون ومراقبون في مراكز دراسات بحثية أردنية إلى جانب عاملين لدى سفارات وهيئات ديبلوماسية غربية في عمان أعربوا عن قلقهم أخيراً من احتمال تدني نسب المشاركة في الانتخابات بسبب القرارات غير الشعبية برفع أسعار المحروقات والسلع الأساسية إلى مستويات غير مسبوقة مع قرب إجراء الانتخابات، وقناعة كثر من الناخبين بأن العملية السياسية لن تمثل نقطة تحول حقيقية في ظل مقاطعة قوى سياسية وعشائرية وتصاعد حدة التوتر بين الدولة والمعارضة، إلى جانب الشعور بأن إجراء الانتخابات لن يحدث فرقاً واضحاً في أحوالهم المعيشية. لكن الحكومة الأردنية سارعت على لسان الناطق باسمها الوزير سميح المعايطة إلى نفي هذا القلق، مؤكدا ل «الحياة» أن النسب المذكورة «ستكون ضمن معدلاتها الاعتيادية بين 47 إلى 57 في المئة». وكان قانون الانتخابات الأردني المعمول به حالياً أثار مقداراً كبيراً من الجدل، إذ رأت فيه قوى معارضة أنه لا يمنح تمثيلاً كافياً للمدن الكبرى التي طالما اعتبرت معاقل للإسلاميين والأردنيين من أصل فلسطيني.