بدأت النساء في العاصمة الهندية نيودلهي متابعة دورات دراسية في الدفاع عن النفس، واستخدام رذاذ الفلفل وحجز سيارات أجرة تقودها نساء أو مغادرة العمل باكراً، وجميعها علامات تشير الى انعدام الثقة بالأمن، بعد الاغتصاب الجماعي الوحشي واغتيال طالبة الشهر الماضي. وأصاب هذا الهجوم المشؤوم الهنود بصدمة وأشعل موجة احتجاجات لم يسبق لها مثيل طالبت بتحسين الأمن للنساء. وفي رد فعل ازاء غضب الرأي العام، اتخذت السلطات إجراءات لإشاعة الثقة، لكن كثيرات من النساء لا يثقن بعناصر الشرطة الهندية التي كثيراً ما تكون لديها حساسية إزاء الجنس الآخر وتعاني من نقص في الامكانات لضمان أمنهن. وقالت الطالبة سوناندا جالوتي (18 سنة) التي بدأت حضور أول دروس في الدفاع عن النفس في مؤسسة «انفيكتوس سيرفايفال سايانسيز» التي تقدم أكثر الدورات الدراسية تقدماً في السلامة الشخصية: «ليس سراً أن دلهي غير آمنة للنساء». وأضافت: «اهتزّت ثقة النساء في المدينة، ولا نريد أن يسيطر علينا هذا الشعور. نريد أن نصبح قادرات على الخروج الى أي مكان، وفي أي وقت كان محاطات بالأمان. لذلك يجب تعلم كيفية الدفاع عن النفس». وتوصف نيودلهي التي يتنامى عدد سكانها البالغ 16 مليون نسمة، ب «عاصمة الاغتصاب» لكونها تسجل عدداً متزايداً من حالات الاغتصاب سنوياً، أكثر من أي مدينة هندية أخرى. وسجلت فيها 706 حالات اغتصاب عام 2012 بزيادة نسبتها 23 في المئة عن عام 2011 وفقاً لاحصاءات شرطة نيودلهي، بينما زادت حالات التحرش الجنسي بنسبة 11 في المئة الى 727 حالة. وتفيد الشركات الخاصة التي تنظم دورات دراسية في الدفاع عن النفس في العاصمة، بأنها تلقت أعداداً كبيرة من طلبات الالتحاق منذ الهجوم المشؤوم. وقال أنكور شارما وهو كبير المعلمين في «انفيكتوس»: «ارتفعت طلبات التسجيل الى 40 في المئة، معظمهم طالبات أو نساء محترفات تراوح أعمارهن بين 18 و35 سنة». وأشار الى أن هناك طلباً متزايداً من قبل الشركات التي توظّف نساء في دوامات عمل متأخرة. ووجد مسح أجرته غرف التجارة والصناعة في الهند في كانون الثاني (يناير) الجاري، أن 80 في المئة من النساء اللواتي يعملن في قطاعات شركات التعهد، يغادرن العمل في وقت مبكر عن المعتاد، الأمر الذي يؤثر على الانتاجية. وأفاد المسح الذي شمل 2500 امرأة في العاصمة وضواحيها، الى أن معظم النساء يخشين استخدام المواصلات العامة بعد غروب الشمس. وأكدت شركة «ساخا كاب سيرفيسيز» لسيارات الاجرة، زيادة الطلب على سياراتها التي تقودها نساء، بنسبة 35 في المئة خلال الشهر المنصرم. أما اللواتي لا يستطعن استخدام سيارات أجرة أو حضور دروس في الدفاع عن النفس، فلجأن الى رذاذ الفلفل الذي بدأت عُلبه تتناقص من أرفف العرض في محال البقالة والصيدليات وسط دلهي، وارتفعت مبيعاته 5 أضعاف عن المعتاد. وأعلنت السلطات في دلهي عن مجموعة من الاجراءات لمساعدة النساء على الشعور بقدر أكبر من الامان في شوارع المدينة، منها خط هاتف للمساعدة يعمل 24 ساعة في حالات الطوارئ، وتعليمات لجميع الشركات بضمان عودة العاملات فيها الى منازلهن من العمل بأمان، ومزيد من الحراسات في الشوارع، وحملة ضد قيادة السيارات في حالات تناول الخمر. لكن النساء مثل الطالبة سوناندا جالوتي ما زلن غير مقتنعات بهذه الإجراءات.