أوضحت التشكيلية السعودية زينب الماحوزي أنها تبحث عن مشهورات عرفهن التاريخ الفني، كما عرف بيكاسو ودافينشي وغيرهما، لكنها لا تجد جواباً. وتعجبت لأن الكثير من الفنانين الكبار كانوا يستعينون بالمرأة في شكل كبير خلال رسم بعض لوحاتهم. وأكدت الماحوزي في حديث إلى «الحياة» أنها لا تحب الانتماء إلى جماعية بعينها، لكنها ترحب بالعمل الجماعي. من جهة أخرى، تتحول التفاصيل الصغيرة إلى كبيرة، حين تقرر الحديث صحافياً مع تشكيلية في مقتبل التجربة، تود أن تصبح بفنها وقيمة ما تقدمه كبيرة. في أعمالها تجدد زينب عهد «موناليزا»، تلك اللوحة، التي شغلت العالم، لتجرب مسارها. فإلى تفاصيل الحوار: كيف يمكن أن نتعرف على بداياتك في الفن التشكيلي، وهل يمكن للفن التشكيلي أن يُولد فجأة ويصنع من صاحبه نجماً تشكيلياً؟ - أبصرت وأنا أرى والدي يرسم، حين أفيق من نومي أتلهف لرؤية ما رسمه على جدار ممشانا، كنت طفلة، أعبث بأصباغه وألوانه، أتنفس رائحتها، من دون علمٍ منه، كنت أطلب منه أن يرسم لي شيئاً لأقوم بتلوينه، لقد ولّدت تلك البيئة التي نشأت بها النقطة الأولى لبزوغ هواية بداخلي تجاه الرسم. في اعتقادك، ما الخطوة التي يجب أن تتبع الهواية في مجال كهذا؟ - وصلت إلى مرحلة النضج الفكري، وعزمت سلك هذا الدرب بعزيمة وإصرار شديدين، ولأطور من ذاتي درست أساسيات الرصاص على يد بدرية السويد في مركز التنمية الاجتماعية في 2007، وخلال فترة دراستي قام المركز بأخذ الطالبات لرحلة فنية لمرسم الفنان علي الصفار. كم كنتُ صغيره أمام تلك اللوحات الضخمة، كُل شيء كان يجذبني، وكنت محظوظة برحله فنيه أخرى للفنانة مهديه آل طالب، حينها كُنت أجهل من هي تلك الأسماء العملاقة في الساحة الفنية السعودية، كُل شيء كان يثير جنوني، هناك منحوتاتها، وطيورها الملونة المحلقة في كل مكان، و في العام 2008 كنت مصرّة على أن أتعلم على يدها دورة ألوان زيتية، وحصل وكُنت محظوظة بذلك لتأثري بفنها، وخصوصاً لوحات طيورها المعلقة في كل مكان، ولهوايتي في رسم الريش، وقع اختياري على صورة عصفور لأرسمه، وكنت راضية جداً، وشاركت بالمعارض الفنية والملتقيات التشكيلية وأصبحت مهووسة بالفن، لربما أسهبت لكنني في نهاية المطاف أتحدث بكامل صدقي وعفويتي. هل يمكن اعتبار التشجيع خطوة مهمة في حياة أي فنان تشكيلي؟ - مما لاشك فيه أن الدعم المعنوي حافز للتقدم، والكثير من الصديقات أو زميلات الفن يُخبروني بأن لا أحد يأبه بما يرسمون ولا أحد من حولهم يبالون بالرسم، وبعض العقول الجاهلة تقول: ماذا سيفيدك الرسم؟ لا ألومهم على الإحباط الذي يصيبهم إذا كن نشأن في بيئة تجهل قيمة الفن، لكنني أشكُر الله لأنه منحني أماً وأباً أعتبرهما أول النُقاد لي. يزخر المجال التشكيلي بالأسماء النسائية، لكننا لو عدنا للتاريخ سنجد أبطاله من الذكور، ما تعليقك؟ - أبحث عن مشهورات عرفهن التاريخ كما عرف الناس بيكاسو ودافينشي وغيرهما، لكنني لا أجد جواباً، الأمر الذي أوقظ تعجبي، وذلك لكون الكثير من فناني ذلك العصر يستعينون بالمرأة في شكل كبير عند رسم بعض لوحاتهم، وفي بعض الأحيان أبرر الأمر بمعتقدات وتقاليد تلك القرون الماضية، وأتصور أن تقاليد تلك القرون لم تسمح للمرأة بكامل حريتها، فقيدتها من الالتزام بمهنة ما أو هواية، وأنها كانت منهمكة بتربية أبنائها وبالأعمال المنزلية، وهذا مخالف لواقع عصرنا الحالي، والذي تملؤه الأسماء النسائية المنتجة كما الرجل. حين قمت بتناول فكرة لوحة «موناليزا» بطرق متنوعة، لفت الأمر طفلة صغيرة، حين سألت عن أجمل اللوحات في ذلك المعرض الذي كنت شاهدة عليه، ماذا شكّل لك الأمر؟ - تعجبت كثيراً لأمر هذه الطفلة لأن اللوحة كانت تجريدية، إضافة إلى تقنية الطباعة والكولاج فيها، ومعظم الأطفال لا يفضلون هذا النوع من الفن، بل تجذبهم اللوحات الواقعية المرسومة رسماً صريحاً، فيعتقدون أن اللوحات غير الواقعية مُجرد شخبطة أو خربشات، وذلك دلني على أن للأطفال ذائقه لونية وخيالاً واسعاً، فرُبما رأتها بطريقتها الخاصة الطفولية، كما ننظر نحن للوحة بطريقتنا الخاصة، ويبدو أنها معتادة على زيارة المعارض الفنية مع والدتها، وهذا شيء إيجابي لتثقيف الطفل. لماذا «موناليزا»، ألا تجدين أن المجتمع الذي عشق تلك اللوحة يرفض إجراء التغييرات عليها؟ - النظر إلى هذه اللوحة ملهم جداً وغريب في الوقت نفسه، كنت أعلم أنني سأُنتقد على هذه التجربة، البعض قال: هذه التجربة لا تُضيف أي شيء لكِ، وتراجع مستواك عن ذي قبل، والبعض الآخر قال: أنتِ تُشوهين اللوحة بهذه التجارب. أنا أحترم كل الآراء، لكني على يقين بأني لم أكن مخطئة في تجاربي ال10 ل«موناليزا» في 2012، كما أن الفنانين التشكيليين العالميين لم يصلوا للعالمية إلا من خلال تجاربهم المتعددة، بيكاسو على سبيل المثال مرّ بالكثير من المراحل، أما إذا بقيت على نمط واحد فقط من الفنون فلن أتقدم خطوة واحدة إلى الأمام. كم معرضاً فنياً شاركت فيه، ومتى سيحين موعد معرضك الشخصي؟ - 40 معرضاً متنوعاً ما بين المعارض والملتقيات، إضافة إلى المعرض الثنائي بيني وبين الفنان السريالي حسن أبوحسين «لحظات» في عام 2011، أما معرضي الشخصي الأول فسيكون هذا العام. ما تقويمك لمسألة «اقتناء» لوحاتك، وبخاصة في مشاركتك الأخيرة؟ - بعت ثلاثاً من لوحاتي، إحداها اقتناها الفنان المميز زمان جاسم، ليفاجئ ابتنه بها في يوم مولدها، وهي واحدة من تجاربي ل«موناليزا». حدثينا عن دور جمعية الثقافة والفنون في دعم مسيرتك؟ - لم أطلب عضوية في جماعة الفنون والثقافة التي لم أبادر إليها، على رغم حصولي على البعض من دعوات المشاركة في فعالياتها، لكنني مستفيدة من دعم جماعة «الفن التشكيلي» بالقطيف، وجماعة «إبداع للفنون»، واللتان تدعماني بالمشاركات السنوية وورش العمل. العمل الجماعي مهم وممتع جداً، لكنني لا أحب الانتماء لجماعة بعينها، أنتمي للجماعة التي تفيدني مشاركاتها، وها أنا أعمل في شكل شخصي للانتهاء من معرضي الشخصي.