اعتبرت التشكيلية السعودية سيما آل عبد الحي أن مشاركاتها الخارجية في البحرين والمغرب وكازاخستان وسواها، وأيضاً نيلها عدداً من الجوائز، أثرا في تطور تجربتها. وأشارت إلى أن الوجود الجماعي دائماً يضيف إلى الفنان أكثر، على رغم المستوى الذي وصلت إليه تجربة الفنان. وقالت في حوار مع «الحياة» حول العلاقة بين مجال دراستها وهو عمارة التصميم الداخلي وتجربتها التشكيلية، إن هناك تأثيراً في تجربتها من خلال تخصصها في الدراسة، مشيرة إلى أن المتلقي يلاحظ ذلك من خلال استخدام الخامات أو الفتحات في بعض اللوحات والأشكال المستخدمة... إلى تفاصيل الحوار. وأنت اليوم تقيمين معرضاً شخصياً جديداً، هل يمكن الحديث عن مشكلات واجهتك منذ انطلقت في فضاء التشكيل؟ - لن أقول إنه كانت هناك مشكلات، فقد كانت الفكرة أن أحقق يوماً ما حلم أن افتتح معرضاً يزخر بلوحاتي ويعجب الناس وينفذ من بين النقاد بأمان، وأجدد الحلم ويكبر أكثر فأكثر وأعيد الكرة بشكل أفضل وأكثر إتقاناً مرة بعد مرة. الوقت كان مشكلتي الوحيدة، فكلما أحسست بأني أقترب استأذنني أن يؤجل الوقت أكثر، ولأنني صديقة جميلة للأشياء رضخت لطلبه عله يرضيني في ما بعد أكثر، ودارت الدنيا والأيام حتى أراد الله أن يكون، وكان وما أجمل ما رأيت، حلمي أخيراً تحقق، ولم أنسَ أن أعيد لنفسي أن تحقيق الحلم هو لحظة البداية التي أضع فيها قدمي على بوابة تلك الأرض. ما القضايا التي تستأثر باهتمامك، وتجعل من الألوان وسائط لنقلها إلى المشهد العام؟ - قضايا المجتمع والأمة في شكل عام، إضافة إلى تصرفات لا بد ألا تكون، وسعادة نصنعها ليحولها الآخرون إلى حزن، وحزن أصبح فينا ونريد أن نوقفه كي لا يتسلل فينا أكثر، تاريخ الحضارات الإسلامية والساسانية وما وجد عند الأوائل في القرون الغابرة وهو أصلاً جزء من تاريخ إسلامنا، وأخيراً قضية أوبرا كارمن الشهيرة التي تدافع عن قضية الحرية في هذا العالم. كنت في الكويت وشاركت في معرض مهم، حدثينا عن مشاركتك الخارجية وأثرها في تطور تجربتك؟ - شاركت في بينالي الخرافي الدولي الرابع الذي ترشحنا له من رئيس جماعة الفنون التشكيلية بالكويت الفنان عبدالرسول السلمان، أثناء حضوره افتتاح معرض صيف آرامكو 31 الدولي. افتتح المعرض رئيس الأمة بدولة الكويت جاسم الخرافي وكانت حفلة الافتتاح رائعة جداً. المشاركة بحد ذاتها في محفل دولي مع عدد من الفنانين القادمين من الدول العربية مكسب، عرفنا بالأشخاص وتوجهات كل فنان وعرفنا باللوحات عن قرب أكثر. الوجود الجماعي دائماً يضيف إلى الفنان أكثر على رغم تطور التقنيات التي تتيح للفنان وهو في منزله معرفة كل ما يدور حوله، إلا أن المباشرة وجهاً لوجه لها فوائد أكثر. سعدت كثيراً بهذه المشاركة التي أضافت إليّ الكثير، وآمل حتماً أن تتكرر وللأكثر. وكانت لي مشاركات أخرى في البحرين والمغرب وكازاخستان، ولي الآن مشاركة قريبة في تركمانستان. ونلت عدداً من الجوائز. بعض لوحاتك يكتنفها الغموض... هل هو تعمد؟ - ليس تعمداً بالضبط، لكنه كان إحساساً صادقاً وقت التعبير عن الشيء. كنت أضع الواقع عليها كما هو ثم اجعلها تبتسم، أو اجعلها تبتسم ثم أطلب منها أن تبتسم أكثر. ما تضعه الحياة والناس فينا حزناً أعكسه بسمة، والفرح بسمة، فيحتارون أين أنا من الابتسام. ما وجه الشبه بين دراستك الهندسة المعمارية والفن التشكيلي؟ وكيف تستطيعين التوفيق بين المهنتين؟ - لا أعرف ما أقول بالضبط عن وجه الشبه، ولكن البعض يرى أن مجال دراستي وهو عمارة التصميم الداخلي أثر كثيراً في أعمالي، أظن ذلك كان يتضح لهم من استخدام الخامات أو الفتحات في بعض اللوحات والأشكال المستخدمة. والبعض لا ينظر إلى دراستي وفني معاً، ويرى أن لا شبه بينهما. أما أنا فما أراه أن هذين العالمين تجمعهما أدوات واحدة تختلف في استخداماتها وفقاً للغرض. عالم الألوان بحد ذاته، والتناسق اللوني للوحة الواحدة وتجانسها مع مثيلاتها يخص اللوحة التشكيلية أو الفن التشكيلي إن صح القول. أما ما يخص ماهية وضعها وتناسقها مع ديكور غرفة أو طراز منزل، فهو ما يخص التصميم الداخلي. وهكذا بالنسبة إلى الخامات، العالمان يجذبانني كثيراً ولا أعرف من منهما أعشق أكثر. الفن في دمي وأمارسه، والتصميم درسته وأرغب في أن أكمل مرحلة الدكتوراه فيه قريباً إن شاء الله، على رغم أني أعمل في وظيفة بعيدة عنه. إلا أني أرى - وأظنكم ترون أيضاً - أن التصميم هو إحدى نهايات المطاف لتتويج لوحاتي. ما حكاية لوحة «الراقصة الإسبانية»؟ - الراقصة الإسبانية (كارمن) التي تنادي بأن الحب غجري لا يعرف أي قانون، دافعت عن الحرية والقضايا المعاصرة في العالم، وهي ترفض السيطرة والتسلّط، وجسّدت قصتها 182مرة في تاريخ العالم. أسطورة نفذتها ب 22 دمية لراقصات باليه رقصن على هذه الأوبرا في العروض دفاعاً عن الحرية المطلقة للمرأة. حين رسم ليوناردو دافينشي «الموناليزا» بقت حية، بعد رحيله إلى الآن، هل يمكن اليوم لأي رسام أن يكون لبعض لوحاته هذا الطموح، أن تعيش طويلاً بعد رحيله؟ - لوحة الموناليزا الشهيرة التي لا توصف، الخلفية الضبابية والعين التي تنظر إليك أينما ذهبت، البسمة الساحرة التي تحدق فيها ولا ترغب في الانصراف، وما يقال عن تطابق وجهها مع وجه دافنشي وغيرها من الأسرار التي تحملها لوحة تساوي ألف شهرة. من لا يطمح إلى أن يصل إلى ما وصل إليه هؤلاء؟ بالطبع أرغب وآمل يوماً بأن تكون لي لوحة في متحف اللوفر في باريس وأكون أنا سيدة تلك اللوحة. هل يمكن الرسم حول الحب، مثل ما يحدث في الشعر والرواية؟ وهل من رسالة تحملها لوحاتك وإلى من؟ - حتماً هناك حب يرسم، الحب أيام وليس فقط ليوم. قد يكون الحب الحقيقي حلماً لكنه حتماً موجود، وقد لا نراه بالصورة التي نرغب فيها تماماً، ولكن يكفي أن نحصل عليه بغية الوصول إلى مشارف الحلم الجميل. إن كانت هناك قلوب صادقة تعشق، فالحب موجود. وإن كان الصدق والصفاء أساسها فالبشرة بالعشرة المديدة معهود. وإن كانت البسمة والمسامحة والتمسّك من معاييرها، فالحب سائد. وأوجّه رسالتي إلى البشرية كاملة وبكل اللغات. أقول لهم سيروا مع الإصرار والرغبة وستصلون. الحياة قصيرة وجميلة في آن، ورائع أن يكون الحب هو الطريق الذي نسير فيه وإن كان هو الصعوبة فسيكون اليسر في آن.