يراقب الفلسطينيون بكثير من القلق الانتخابات الإسرائيلية التي ستجرى «في فناء البيت» الثلثاء المقبل، وذلك تحسباً لأربع سنوات أخرى عجاف، خصوصاً بعدما أشارت الاستطلاعات إلى أن الانتخابات ستعيد إنتاج حكومة اليمين الحالية التي تشكل مواصلة الاستيطان العلامة الأبرز في برنامجها. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»الدكتور محمد أشتية: «نتابع الانتخابات في إسرائيل لحظة بلحظة، وساعة بساعة. نتابع استطلاعات الرأي والتحليلات لأننا أول المتأثرين بنتائج هذه الانتخابات». وأضاف: «واضح أن (رئيس الحكومة) بنيامين نتانياهو سيعود رئيساً لحكومة يمين في إسرائيل، وهذا الأمر سيعقد المشهد». وأدى فوز نتانياهو في الانتخابات السابقة وتوليه رئاسة الحكومة لمدة أربع سنوات، إلى شلل تام في العملية السياسية بسبب تبنيه برنامجاً يقوم على تكثيف الاستيطان، خصوصاً في القدسالشرقية، ورفضه العودة إلى النقطة التي توقفت عندها المفاوضات في عهد سلفه أيهود اولمرت. وكان الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أيهود اولمرت قطعا شوطاً كبيراً في المفاوضات التي جرت بينهما قبل أن يضطر الأخير إلى الاستقالة والانسحاب من الحياة السياسية بعد إحالته على القضاء بتهم الفساد. وأعلن الرئيس عباس مرات عديدة انه وأولمرت وصلا إلى نقطة متقدمة في المفاوضات تتمثل في التفاوض على نسبة تبادل الأراضي بين دولة فلسطين ودولة إسرائيل. ففيما طالب أولمرت بأن تكون نسبة التبادل 6.5 في المئة، طالب عباس بأن تكون نحو 2 في المئة. وحاول الرئيس باراك أوباما حمل نتانياهو على وقف الاستيطان والعودة إلى المفاوضات، لكنه أخفق في ذلك، ما دفع الفلسطينيين إلى التوجه إلى الأممالمتحدة في محاولة للحصول على الاعتراف بالدولة المستقلة على حدود عام 1967، وتالياً تجنيد ضغط دولي على حكومة إسرائيل للانسحاب من أراضي الدولة الفلسطينيةالمحتلة. ويرى المراقبون أن عودة نتانياهو إلى الحكم لأربع سنوات جديدة سيضع الفلسطينيين أمام خيارات صعبة. وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت الدكتور باسم الزبيدي: «الانتخابات الأميركية والإسرائيلية لم تأتيا بجديد. سيعود نتانياهو مع حكومة أكثر يمينية في إسرائيل. وفي أميركا عاد الرئيس أوباما الذي لم يمارس ضغطاً كبيراً على نتانياهو في ولايته الأولى، ولا أظنه قادراً على فعل ذلك في ولايته الثانية». وأضاف: «السلطة تعاني أزمة مالية حادة، ونخشى أن تمارس أميركا ضغطاً على السلطة للعودة إلى المفاوضات مستغلة أزمتها المالية الكبيرة، وأن يعمل نتانياهو على الانتقام من الفلسطينيين لتوجههم إلى الأممالمتحدة». وتقول القيادة الفلسطينية إن عودة نتانياهو إلى الحكم في إسرائيل لا تترك لها خياراً آخر سوى مواصلة معركتها السياسية معه على الحلبة الدولية. ورأى عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» الدكتور نبيل شعث إن العالم بدأ يتحرك بعد ظهور ملامح نتائج الانتخابات الإسرائيلية، وإن عدداً من الدول الأوروبية، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بدأ بالإعداد لطرح مبادرة سياسية بعد انتهاء هذه الانتخابات. وأضاف: «وبالنسبة إلى الدول الثلاث، فإن مبادرتها تنطلق من تجاوز العقبات السابقة التي واجهت العملية السلمية وهي: الاستيطان وعدم تطبيق الاتفاقات السابقة». ويقول الفلسطينيون إنهم ينتظرون الجهود الأوروبية والدولية لاستئناف المفاوضات على أساس وقف الاستيطان وتطبيق الاتفاقات السابقة. وفي حال فشلهم في تحقيق ذلك، فإنهم سيلجأون إلى خياراتهم الخاصة، وعلى رأسها مواصلة المعركة السياسة في المنظمة الدولية. وأوضح أشتية: «ننتظر حتى أيلول (سبتمبر) من العام الحالي لنرى إذا كانت الجهود الدولية ستحمل نتانياهو على وقف الاستيطان وإطلاق المعتقلين، وفي حال لم يحصل، فإننا سنتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية وغيرها من الوكالات والمنظمات الدولية للحصول على العضوية، وملاحقة جرائم الاحتلال وفي مقدمها الاستيطان». وأضاف: «فوز نتانياهو خبر سيء للفلسطينيين، لكنه سيء للإسرائيليين أيضاً، فهو سيقود إلى عزلة إسرائيل دولياً، وبدأت بوادر هذه العزلة بالظهور مع تصريحات الرئيس أوباما الأخيرة التي قال فيها إن نتانياهو يقود إسرائيل إلى العزلة، ومع تصريحات قادة دول أخرى مثل فرنسا وألمانيا وغيرهما». وقال الناطق باسم حركة «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة فوزي برهوم لوكالة «فرانس برس»: «التنافس الإسرائيلي هو التنافس على الدم الفلسطيني وعلى سفك الدم الفلسطيني وعلى توسيع الاستيطان وعلى التهجير». وأضاف: «يجب أن يكون هناك وضع فلسطيني موحد وقوي حتى يواجه هذا التحدي في المستقبل، وبالتالي إنجاز الوحدة الوطنية في إطار برنامج وطني يحافظ على الثوابت والحقوق الفلسطينية ويحمي الأرض والشعب والمقدسات».