بعد ساعات من إعلان الحكومة الأردنية مشاركتها فجر أمس بالغارات الجوية الأميركية ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ووضعها في سياق الدفاع عن النفس، عبّر مراقبون ومعارضون أردنيون عن مخاوفهم من ردود انتقامية قد يقدم عليها مناصرو التنظيم. وكان الناطق باسم الحكومة الأردنية الوزير محمد المومني قد أعلن أمس أن «الأردن كان واحداً من 4 دول عربية شاركت الولاياتالمتحدة بقصف معاقل التنظيم الإرهابي في سورية»، مضيفاً أن «العملية ستتواصل خلال الساعات المقبلة». وبرر المومني مشاركة بلاده في العملية العسكرية بسعيها إلى «ضرب الإرهابيين في عقر دارهم حفاظاً على أمنها واستقرارها واستقلال ترابها الوطني (...)»، معتبراً أن الأردن «يتعرض لتهديد حقيقي من قبل المتطرفين». وفي السياق ذاته، أكد الجيش الأردني مشاركة طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الأردني في قصف مواقع «تنظيمات إرهابية» قرب الحدود الشمالية، من دون أن يذكر بالتحديد أنها داخل سورية. ونقل بيان للجيش الأردني عن مصدر عسكري أن القوات المسلحة وجهت ضربة جوية لعدد من المواقع «التي تتخذها بعض الجماعات الإرهابية مركزاً لانطلاق عملياته تجاه الأراضي الأردنية». وأضاف البيان الذي نشره الموقع الرسمي للجيش: «في الساعات الأولى من فجر اليوم (أمس)، قامت تشكيلات من طائرات سلاح الجو الملكي الأردني بتدمير عدد من الأهداف المنتخبة التي تعود إلى بعض الجماعات الإرهابية، والتي دأبت على إرسال بعض عناصرها الإرهابية لتنفيذ أعمال تخريبية داخل المملكة الأردنية الهاشمية، وقد عادت جميع الطائرات إلى قواعدها سالمة». وبرر البيان المشاركة الأردنية بأنها جاءت لمواجهة عمليات التسلل وإطلاق النار باتجاه المواقع العسكرية قرب الحدود الشمالية والشمالية الشرقية المحاذية لسورية. وقال المصدر العسكري الأردني إن القوات المسلحة وإذا ما تكررت مثل هذه المحاولات «فإنها لن تتردد في توجيه رسالة حاسمة لتلك الجماعات في أوكارها، بأن أمن الحدود وسلامة المواطنين الأردنيين لن تكون محل مساومة وتهاون». وكان وزير الداخلية الأردني حسين المجالي قد قال أول من أمس إن هناك خلايا نائمة على الساحة الأردنية «تسعى إلى استهداف المملكة»، ولكنه في الوقت نفسه أكد جاهزية الجيش والأمن ل «مواجهة أي طارئ». وأوضح أن الأردن «كأي دولة معتدلة في المنطقة مستهدف من المنظمات التي فشلت سابقاً في الإضرار به، وستفشل الآن وستفشل في المستقبل». وتوعد المجالي «كل من يحاول اختراق المملكة»، وقال إن الدولة بكافة أجهزتها «لن تسمح تحت أي ظرف بانتهاك حدودنا وأمننا». وأكد الوزير انخراط المملكة في التحالف الدولي على تنظيم «الدولة»، وقال إن «هذه الحرب حربنا قبل أي دولة أخرى». وفي أول رد للتيار السلفي الجهادي بالأردن على المشاركة الأردنية، قال القيادي البارز في التيار محمد الشلبي المعروف ب «أبو سياف» إن «النصائح كلها التي وجهت إلى تنظيم الدولة الإسلامة طيلة الفترة الماضية بعدم استهداف الأردن ذهبت أدراج الرياح». وأضاف: «ما من شك أن التنظيم سيدافع عن نفسه، وسيضرب كل الدول التي ضرب من خلالها، وأسال الله أن يحقن دماء المسلمين». وحول شكل الضربة التي قد يوجهها التنظيم إلى الأردن، قال أبو سياف: «ليس لدي معلومات واضحة، لكننا نعرف كيف يفكر هذا التنظيم، والمؤكد أن الردود الانتقامية إن حدثت لا قدّر الله ستأتي من الخارج وليس من الداخل»، في إشارة واضحة إلى عناصر التيار الأردنيين. كما هاجمت المعارضة الإسلامية الأردنية قرار المشاركة، وقال زكي بني ارشيد نائب المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين» إن «مشاركة الأجانب ومساعدتهم في أي عمل عسكري هو أمر مرفوض ومدان من كل القوى الشعبية، وليس للأردن أي مصلحة في ذلك». وأضاف: «هذا الموقف معزول شعبياً، لأنه يشكّل نقيضاً لمصالح الأردن الحقيقية، ويجعل من المملكة هدفاً للتنظيم المستهدف، وليست لنا مصلحة في نقل الصراع من دول الجوار إلى الداخل الأردني». يُشار إلى أن الملك عبدالله الثاني أكد الثلثاء الماضي «دعم ومساندة الأردن الجهود الإقليمية والدولية لمحاربة الإرهاب والتصدي للتطرف حماية للمصالح الوطنية الأردنية العليا». وقال الملك أثناء لقائه عدداً من القيادات الدينية والشخصيات السياسية إن «المملكة تدعم الائتلاف الإقليمي والدولي وتقيم البدائل للمساهمة والمساعدة في محاربة هذه التنظيمات الإرهابية». وأضاف: «نعمل لمحاصرة الإرهاب والمتطرفين ومن يناصرهم وتجفيف مصادر تمويلهم، ونوظف كل طاقاتنا وإمكاناتنا للتصدي لمخاطر تقسيم الدول التي تتعرض لصراعات ونزاعات في منطقتنا، وذلك حماية لها وحفاظاً على مكوناتها ووحدة أراضيها».