ساعدت أزمة المال العالمية وتراجع الإيرادات الضريبية لدى دول غربية كثيرة، في تسريع الإجراءات الحكومية الرامية إلى التدقيق في الحسابات المصرفية وسلوك الشركات، بهدف سد الشرخ في الخزينة، فيما تتصرف اليونان وسويسرا في شكل متناقض. إذ في وقت تضع حكومة أثينا استراتيجيات، من ضمنها استقطاب المتقاعدين من أوروبا الشمالية للعيش والاستقرار على أراضيها، فضلاً عن محاولة إغواء المستثمرين لافتتاح نشاطات تجارية في مقابل تسهيلات ضريبية، تتجه سويسرا نحو تشديد قبضتها على تحرك الأغنياء الأجانب المقيمين على أراضيها. وتلقى هؤلاء من حكومة برن معاملة استثنائية، خصوصاً لجهة دفع الضرائب على حساب الطبقات السويسرية العاملة غير الغنية، التي تعاني في دفع الضرائب المتوجبة عليها. لكن، يبدو أن الآلية الضريبية السويسرية ستخضع قريباً، لإعادة نظر في كيفية تصنيف من يحق له التمتع بنظام دفع ضرائب مواتٍ لمتطلباته الشخصية. في الواقع، تستعد سويسرا لخوض استفتاء يتعلق بإمكان إلغاء 150 سنة من التسهيلات الضريبية المقدمة للأغنياء الأجانب. ويُذكر أن هؤلاء يستغلون قوانين ضريبية تخولهم دفع الضرائب مرة واحدة سنوياً، لما مجموعه خمسة أضعاف معدل الإيجار السنوي للشقة المعترف به استناداً إلى القوانين الفيديرالية، ما يعني أن الغني الأجنبي المقيم في سويسرا، ربما يدفع أقل من مئة ألف فرنك سويسري من الضرائب سنوياً. وتشمل طبقة الأغنياء كل من لديه أكثر من نصف مليون فرنك سويسري في حسابه المصرفي الشخصي. وعلى رغم قرار البرلمان السويسري مطالبة الأغنياء الأجانب بمزيد من الأموال أي نحو 10 في المئة أكثر مقارنة بالعام الماضي، بدأت الاحتجاجات تلقى صدى لها في الأوساط السياسية والمالية. وتتجه أربعة كانتونات من بين 26، إلى التخلص من القوانين الضريبية المواتية للأغنياء الأجانب. واستغرب محللون ما يحصل حالياً من تغيير جذري في سبل تحصيل الضرائب. إذ تتبع وزارة المال اليونانية ما تعتمده بريطانيا وسويسرا لجهة توفير المناخ الملائم لاستقبال الأغنياء الأجانب وتقديم وسائل الراحة الضريبية لهم. لكن، على عكس القوانين الضريبية البريطانية والسويسرية المهددة بالزوال، تتمسك حكومة أثينا بمعادلة جديدة ستخولها، من دون شك، تحقيق بعض الأرباح المالية والتجارية. لأن كل ثري أو متقاعد أجنبي، سيدفع لحكومة أثينا حصراً، الضرائب المتأتية من ممارسة نشاطاته التجارية على الأراضي اليونانية. أما الأموال المتدفقة إليه من الخارج، فهي غير خاضعة للضرائب اليونانية. ويأتي رفع الحصانة الضريبية عن الأغنياء الأجانب في سويسرا، ضمن خطة صارمة ربما تعجز حكومة برن عن تطبيقها في أوقات قريبة. علماً أن حركة احتجاجية تشمل أكثر من مئة ألف مواطن سويسري، بدأت تدق أبواب البرلمان السويسري لإجراء استفتاء شعبي قريباً.