دعت أربع نقابات مركزية مقرّبة من أحزاب سياسية مغربية معارضة إلى تنفيذ إضراب عام في المؤسسات والإدارات الحكومية رداً على قرار الحكومة التي يقودها حزب «العدالة والتنمية»، والذي يقضي برفع سن التقاعد، وخفض المعاشات المدنية، وزيادة أسعار المحروقات والماء والكهرباء، وتقليص الوظائف، ما يرفع بطالة الشباب ويخفض القدرة الشرائية لفئات واسعة من المغربيين. وتوقعت النقابات استجابة نحو مليون مستخدم في الوظائف العامة والبلديات للدعوة إلى الإضراب المزمع اليوم بهدف ثني رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران عن تنفيذ قراراته. وهددت نقابة «الاتحاد المغربي للشغل»، بالدعوة إلى إضراب عام يشمل القطاعين العام والخاص في كل المناطق، ويشارك فيه حوالى عشرة ملايين شخص في حال عدم تراجع الحكومة عن قراراتها المُتفق على مضمونها مع صندوق النقد الدولي، والرامية إلى تحميل الفئات الناشطة في المجتمع كلفة الإصلاح المالي والاجتماعي لصندوقي «المقاصة» و«التقاعد». واعتبرت النقابات أن «قرارات رئيس الحكومة تهدد الأمن الاجتماعي في المغرب، وقد تدفع نحو خيارات صعبة». ولم يشهد المغرب أي إضراب منذ عام 1990 عندما خلف الإضراب أعمال عنف وعدداً من القتلى والجرحى في فاس وسط البلاد. وبنت الحكومة مشروع موازنة 2015 على إجراءات صعبة تطاول فئات واسعة من السكان خصوصاً الطبقات الوسطى والمتعلمة وتقضي برفع سن التقاعد إلى 65 سنة، وتقليص قيمة احتساب المعاشات بنحو 30 في المئة، ورفع الدعم عن عدد من السلع والخدمات ومنها تحرير أسعار المحروقات والماء والكهرباء، وتقليص الوظائف في القطاع العام إلى الحد الأدنى، وزيادة الضرائب والرسوم وخفض الإنفاق العام، بهدف تقليص عجز الموازنة إلى ما دون أربعة في المئة من الناتج الإجمالي مقارنة بخمسة في المئة حالياً. وكانت الحكومة اتفقت مع صندوق النقد أواخر حزيران (يونيو) الماضي، وتعهدت بالالتزام بتنفيذ تلك الإجراءات التي يبلغ عددها 14، في مقابل تسهيل حصولها على خط ائتماني بقيمة خمسة بلايين دولار على مدى سنتين، ويعتبر أساساً للحفاظ على التصنيف السيادي للاقتصاد المغربي، وتسهيل العودة إلى أسواق المال الدولية للحصول على قروض جديدة في العامين المقبلين تتراوح قيمتها بين 2.5 و3 بلايين دولار. وتمكنت الحكومة من تقليص عجز الموازنة بمعدل نقطتين سنوياً منذ عام 2012، كما تمكنت من خفض كلفة نفقات «صندوق المقاصة» المخصص لدعم الأسعار، من 52 بليون درهم (6 بلايين دولار) إلى 32 بليوناً في أقل من ثلاث سنوات، ورفعت أسعار المحروقات بنحو 25 في المئة، وزادت كثيراً من الرسوم والضرائب على الفئات المحدودة الدخل بما فيها رسوم جديدة على طلاب الجامعات. وتؤكد الحكومة أنها تدافع عن الطبقات الفقيرة التي لم تستفد في الماضي من النمو الذي حققه الاقتصاد المغربي، وقال وزير التعليم العالي لحسن الداودي إن «طلاباً ميسورين يأتون إلى الجامعة في سيارات فارهة في حين أن زملاءهم لا ينالون سوى منح متواضعة». ويرد خصومه بأن الوزير المحسوب على «العدالة والتنمية» يستعمل لغة شعبوية استعداداً للانتخابات المقبلة. وقالت نائب عن حزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض «ما يحتاجه الطلبة هو جودة التعليم وشهادة تضمن العمل والكرامة وليس زيادة 200 درهم على المنحة الدراسية». ويعتقد محللون أن الطبقات الوسطى في المغرب أُُجهدت كثيراً في السنوات الأخيرة، وتحملت الجزء الأكبر من الإصلاح المالي والاقتصادي، كما تحمل الشباب الجامعي الجزء الأكبر من نتائج «الربيع العربي» حيث ارتفعت بطالة الشباب إلى 25 في المئة وزاد عددهم نحو 114 ألفاً في سنتين، وأصبح في المغرب حوالى 1.2 مليون شخص من دون عمل في مجتمع 53 في المئة من سكانه تحت سن ال30.