غداة إعلان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مشاركة قوات بلاده في عملية عسكرية يشنها الجيش المالي لوقف تقدم مقاتلين إسلاميين قادمين من الشمال، الذي يحتلونه منذ نيسان (أبريل) الماضي، قُتل طيار مروحية فرنسي برتبة ملازم يدعى داميان بواتو لدى تنفيذه مهمة التصدي «لرتل من إرهابيي جماعة أنصار الدين» في مدينة كونا (وسط)، التي واصلت القوات الحكومية تطهير «آخر جيوب المقاومة» فيها، بعد ساعات من شنها هجوماً مضاداً «ناجحاً» لاستعادتها. وفيما أعلن الجيش المالي مقتل حوالى مئة إسلامي في كونا، هدد زعيم «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» الجزائري عبد الملك دروكدال، بتكبيد الدول الأفريقية والغربية المشاركة في الحرب «أكبر الخسائر لدرجة جعل الصحراء مقبرة لجنودهم، والعمل لإطالة أمد الحرب». وخاطب دروكدال الملقب ب «أبو مصعب عبد الودود» الرئيس الفرنسي هولاند ورؤساء دول الساحل الإفريقي، في شريط فيديو بثه التنظيم على الإنترنت، قائلاً: «القاعدة مستعدة للسلم إذا أردتم، كما ستلبي رغبتكم في الحرب إذا طلبتموها». وحيّا وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان شجاعة الضابط القتيل وباقي جنود بلاده الذي يدعمون القوات المالية في قتال «الجماعات الإرهابية»، فيما تحدث موقع «لو بوان» الفرنسي عن تدمير المتشددين مروحيتين من طراز «غازيل». وسبق ذلك بساعات تأكيد السفير الفرنسي لدى الأممالمتحدة جيرار آرو في رسالة وجهها إلى مجلس الأمن، أن دعم بلاده لجيش مالي «يندرج في إطار القانون الدولي، وسيستمر ما دام ضرورياً». وأوضح ديبلوماسيون أن «التدخل الفرنسي يستند إلى المادة 51 من ميثاق حقوق الإنسان الذي ينص على الحق الطبيعي في الدفاع عن النفس، فردياً أو جماعياً، في حال تعرض عضو في الأممالمتحدة لاعتداء مسلح. ويعني ذلك أن فرنسا غير ملزمة نيل إذن من مجلس الأمن، لكنها تُعلمه بتحركها». وأضاف آرو: «تطوُّر الوضع يبرر التعجيل بتنفيذ القرار 2085» الذي أصدره مجلس الأمن الشهر الماضي، ويدعو إلى نشر وحدة أفريقية تضم ثلاثة آلاف جندي لمساندة عمليات جيش مالي. تدخل أفريقي وأميركي وبالفعل، قررت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ايكواس)، المعنية بقرار تشكيل وحدة القتال الأفريقية، بدء إرسال جنود إلى مالي بدءاً من غد الإثنين. وقال وزير التوحيد في ساحل العاج علي كوليبالي: «وقّع الرئيس الحسن واتارا (رئيس الدورة الحالية لإيكواس) تفويض نشر القوة، وبحلول الإثنين ستتواجد قوات هناك أو ستبدأ في الوصول»، وبينهم 500 جندي من النيجر. وزاد: «تسارعت الأمور بعد تقدم الإسلاميين وتهديدهم بالاستيلاء على بلدة سيفاري التي تعتبر بوابة العاصمة باماكو وتضم قاعدة عسكرية، لكن المهمة ليست حماية هذه المدينة فقط، بل استعادة شمال مالي من الجهاديين». وأكد قائد الجيش الفرنسي الجنرال إدوار جيو، أن بلاده لا تنوي حالياً توسيع عملياتها إلى الشمال. وفي واشنطن، أعلن مسؤول أميركي رفض كشف اسمه، أن بلاده تفكر بدعم العملية العسكرية لفرنسا في مالي، عبر دعم قواتها لوجستياً وتكثيف تقاسم المعلومات الاستخباراتية معها، والذي يتطلب إشراك طائرات أميركية بدون طيار للمراقبة». وأشار إلى أن القوات الأميركية تملك قواعد جوية في إيطاليا وإسبانيا يمكن استخدامها في تموين الطائرات الفرنسية عند الحاجة. وصرح الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي تومي فيتور، أن «الولاياتالمتحدة تقاسم فرنسا هدفها في منع الإرهابيين من الإفادة من ملاذ لهم في المنطقة». أما الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند، فشددت على أن التحرك الفرنسي جرى بطلب من مالي، وهو ما أكده رئيسها الموقت ديونكوندا تراوري لدى إعلانه حال الطوارئ في مالي ودعوته سكانها إلى الاضطلاع بدور في قتال المتمردين.