أعلنت هيئة الأركان المالية أن الجيش، بدعم من القوات الفرنسية، سيطر تماماً أمس على مدينة كونا في وسط البلاد، بعد مواجهات عنيفة أسفرت عن «مائة قتيل» في صفوف المقاتلين الإسلاميين المتطرفين الآتين من الشمال. وكان الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، الذي حظي بتأييد نظرائه في غرب إفريقيا وواشنطن، أكد الجمعة أن بلاده تشارك في العمليات القتالية في مالي بناء على طلب باماكو، «في مواجهة اعتداء لعناصر إرهابية يعلم العالم أجمع وحشيتها وتطرفها». وقال الليفتنانت عثمان فاني في موبتي «وسط»، المنطقة الفاصلة بين شمال البلاد وجنوبها، «لقد أوقعنا في صفوف الإسلاميين في كونا عشرات القتلى، بل نحو مائة. نحن نسيطر على المدينة، كل المدينة»، وأكد مصدر أمني في المكان مقتل «46 إسلامياً على الأقل» في المعارك التي شهدتها كونا، فيما قال أحد سكان المدينة «لقد رأيت عشرات الجثث»، مشيراً إلى أنها جثث لرجال يرتدون الزي البدوي ويغطون رؤوسهم بعمامات. وأفاد الجيش المالي أن «آخر جيوب المقاومة» تم تطهيرها بعد الهجوم المضاد الناجح لاستعادة السيطرة على المدينة والتصدي لهجوم الجهاديين. وأعلن وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لو دريان، أمس، أن ضابطاً فرنسياً قُتل خلال غارة شنتها طائرات مروحية على مجموعة إرهابية» كانت تتجه الجمعة نحو مدينتين في جنوب مالي، وأكد الوزير أن هذه الغارة الجمعة «أتاحت تدمير عديد من الوحدات الإرهابية» و»أعاقت تقدمها». وكانت المعارك تجددت هذا الأسبوع في مالي، وتمكن نحو 1200 مقاتل إسلامي من السيطرة الخميس على كونا، مهددين بمواصلة زحفهم نحو الجنوب. وتبعد كونا 700 كم من باماكو، وسقطت الخميس في أيدي الإسلاميين الذين يحتلون شمال مالي منذ تسعة أشهر. وقد تحولت هذه المنطقة منذ إبريل 2012 معقلاً لجماعات إسلامية، هي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجماعة أنصار الدين، وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا. وقد انطلق الهجوم المضاد الفرنسي المالي من مدينة سيفاري، التي تبعد 70 كم جنوب كونا، وتضم أكبر مطار في منطقة موبتي حط فيه، الخميس، جنود فرنسيون. وبعد الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي البنيني توماس بوني يايي، شَكَر الرئيس المالي ديونكوندا تراوري أمس لنظيره الفرنسي مشاركة باريس في العمليات القتالية، وفق ما أعلن الإليزيه. وأرجأ تراوري زيارة كانت مقررة لباريس، الأربعاء. ومنذ أشهر عدة، عرضت دول غرب إفريقيا إرسال قوة إفريقية مسلحة تضم أكثر من 3300 عنصر إلى مالي بموافقة الأممالمتحدة. وقد وعدت دول أوروبية بينها فرنسا بتقديم مساعدة لوجستية إلى هذه القوة لاستعادة السيطرة على شمال مالي. وأعلنت بوركينا فاسو أمس نشر كتيبة من «500 عنصر»، فيما أكدت النيجر إرسال قوات، وفي باماكو كان الليل هادئاً، وعلق سكانٌ العلم الفرنسي على سياراتهم تاييداً لتدخل باريس. وأعلن مسؤول أمريكي أن الولاياتالمتحدة تفكر في دعم فرنسا في العملية العسكرية في مالي، خصوصاً بطائرات بدون طيار، مؤكدة أن البيت الأبيض «يشاطر باريس هدف مكافحة الإرهاب». من جانبها، أعلنت نيجيريا صباح أمس أنها لم ترسل حتى الآن قوات إلى مالي، لكنها أوفدت فريقاً تقنياً من القوات الجوية، وكذلك القائد المقبل للقوة الإفريقية، وهو نيجيري. وقال متحدث رئاسي: إن نيجيريا سترسل كتيبة في إطار قوة الدعم الدولية من دون أن يحدد حجمها، لكن أوساطاً في أبوجا تحدثت عن إرسال 600 عنصر، ومنذ أشهر عدة تتمركز عناصر من القوات الخاصة الفرنسية ومروحيات في بوركينا فاسو المجاورة. لكن مصير ثمانية فرنسيين محتجزين في المنطقة لدى مجموعات إسلامية لايزال معلقاً، وخصوصاً بعد إعلان باريس مقتل رهينة فرنسي محتجز في الصومال منذ العام 2009 على أيدي خاطفيه، وذلك خلال عملية خاصة نفذتها أمس فرقة كوماندوز فرنسية، وأسفرت أيضاً عن مقتل جندي فرنسي و17 إرهابياً. وفي غمرة الأزمة في مالي، أعلنت ليبيا والجزائر وتونس السبت أنها تريد أن تشرف في شكل مشترك على أمن حدودها ومكافحة تهريب الأسلحة والجريمة المنظمة.