لم تبد وسائل الإعلام الفرنسية على اقتناع تام بما ورد في الخطاب الأخير للرئيس السوري بشار الاسد، وإن لم تكرس لتقديمه الوقت الكبير فقد وضعت الخبر في عناوينها الاولى مجمعة في معظمها على عناوين مثل «تصلب، نفاق، إخراج مسرحي، أعداء سورية...». واختارت كل محطة مقاطع من الخطاب، لكنها ركزت كلها على تشهيره بأعداء سورية وعلى وجود «الحشد المؤيد وهتافاته بالروح والدم... وعلى أنه ظهر كمسرحية جرى إعدادها جيداً. في النشرة المسائية لمحطة «فرانس 2» التابعة لفرانس تلفزيون (ملكية الدولة)، لحظ الخبر أن الرئيس السوري «لم يلفظ كلمة واحدة عن الستين ألفاً الذين قتلوا على مدى واحد وعشرين شهراً في سورية»، ووصف «بالقسوة والتصلب» وباحتواء الخطاب على «حل سياسي شرط بقاء الأسد في السلطة»، كما أبدت موقفه من المعارضة السورية «مع من نتحاور؟... مع السيد وليس العبد» في اشارة إلى المعارضة «التابعة» للخارج كما فسروا. وقدمت المحطة تقريراً عن الخطاب مستهلة بأنه جرى «في مسرح كبير» (في العبارة لعب على الكلمات وما قد يعتبر بالفرنسية أنه «مسرحية»)، مظهرة الجماهير «المخلصة» الموجودة والتي «تدافعت إلى لمس الرئيس»، ما شرحوه على أنه «علامة إعجاب واحترام في العرف العربي»، كما أورد بعض ردود الفعل على الخطاب من معارضين وسياسيين. وكانت «المسرحية» وجمهور المؤيدين هما أيضاً ما لفت نظر نشرة «اي- تلي» القناة الإخبارية التابعة ل «كانال بلوس» الخاصة للدلالة على حشد المؤيدين لمواقف الرئيس السوري. «جمهور لم يوفر جهوده ليبدي له دعمه» ضمن هذا «الإخراج المسرحي الناجح والذي استمر حتى النهاية» كما قالوا، معتبرين أن الرئيس يريد إثبات كونه «رجل سورية القوي وهذا لأطول وقت ممكن»، وأن كلماته اختيرت بعناية لتوجيه رسالة للغرب وللكلام عن تدخله في شؤون سورية». وهذا ما رأته «بي اف ام» الإخبارية الخاصة حين قالت ان الرئيس أراد التذكير بأنه «زعيم سورية هو، ودائماً هو»، ولم يفت المحطة «المشهد الذي حضر جيداً، فالجمهور هنا يلعب اللعبة والبث مباشر على التلفزيون الرسمي...». وبعيداً من الجمهور الذي استقطب معظم تعليقاتها اشارت المحطة إلى ما قاله الرئيس عن أن «الخلاف الدموي في سورية لا يضع نظامه في مواجهة مع المعارضة بل سورية أمام أعدائها». العناوين ذاتها وإن بزمن أقل على «تي اف 1» الخاصة التي وصفت الخطاب بأنه «درس في النفاق»، اما «أل سي إي» الإخبارية فاستضافت محللاً لتسأله عن محتوى ما قاله الرئيس وإن كان «لذر الرماد في العيون». ماذا بعد؟ هل من داع لذكر محطات أخرى؟ من الأفضل ربما الالتفات إلى الإخبارية السورية، «نافذتنا على العالم» لتفسر لنا كل هذه الأقاويل والتحليلات «المغرضة».