في تغطيتها لما حدث في سورية، استخدمت غالبية التلفزيونات الفرنسية تعبير «احتجاجات لا سابق لها»، وأجمعت المحطات على «القمع الشديد الذي واجهته هذه الاحتجاجات». وبدا عنصر المفاجأة بالأحداث واضحاً، لكن سورية لم تنعم بتغطية مماثلة لتلك التي حظيت بها أحداث تونس ومصر وليبيا، وكانت «فرانس 24» المحطة الإخبارية الفرنسية الأكثر متابعة لما يجرى هناك. بيد أن حركة الاحتجاجات كانت مناسبة لمحطات فرنسية أخرى للحديث عن سورية ماضياً وحاضراً. فالقناة العامة «فرانس 2»، مثلاً، أعدت تقريراً عن «النظام التوتاليتاري» كما نعتته. أما التحاليل الإخبارية فاقتصرت على القنوات الإخبارية المختصة التي ركزت في البداية على شعارات المحتجين، ووصفتها «فرانس 24»، مثلاً، في أحد برامجها بأنها «غير محددة» ولا نسمع فيها مطالبات للرئيس بالرحيل». وتكررت الملاحظة الأخيرة في برنامج مشابه على الإخبارية التابعة ل «كانال بلوس» ITélé، إذ لم يفت باحث فرنسي الإشارة إلى «فرق بين الرئيس من جهة والنظام وعائلته من جهة أخرى»، مشيراً إلى أن صورة الرئيس نفسه «غير مكروهة». كما تشارك الرأي مع صحافي فرنسي في وجود «خوف لدى الناس في سورية من حصول فوضى على النمط العراقي، فضلاً عن الخوف من الانفتاح الديموقراطي». وبينما امتنعت المحطات الإخبارية الفرنسية عن بث خطاب الرئيس السوري - باستثناء «فرانس 24» - كان التركيز على العبارة التي تصف ما تتعرض له سورية من «مؤامرة». وهذه الأخيرة شكّلت العنوان الوحيد على الشاشات الفرنسية، تبعتها تعليقات متشابهة عن «الشارع الذي قد يشعر بخيبة أمل بسبب الخطاب لأنه لم يجلب إصلاحات حقيقية ولا رفعاً لقانون الطوارئ». أما في «فرانس 24» فكانت التحليلات أكثر شمولاً وطرحت تساؤلات بعد الخطاب من نوع «لا نعرف حقاً ما يريد (الرئيس)، وهل هو في وضع يستطيع معه حقاً التغيير؟». ولم يكرس للخطاب سوى ثوان في النشرات المسائية الرئيسة للقناتين الأولى والثانية، وجاءت عناوين أخرى في مقدمة النشرتين، وأهمها حادثة قتل شغلت فرنسا ومشروع النقاش حول العلمانية واليابان وزيارة الرئيس الفرنسي الصين، لتجيء بعدها أخبار ليبيا، فأخبار سورية. ولم تغب «نظرية المؤامرة» أيضاً عن هاتين النشرتين، وكان تذكير بقول أوباما ان «الخطاب أتى دون طموحات المحتجين». باختصار، تبدو سورية «البعيدة» قياساً إلى مصر وتونس، غامضة في عيون الفرنسيين... وهذه التغطية الإعلامية لن تزيدها وضوحاً!