«يعمل الإعلام الغربي دوماً على تبرير جرائم النظام الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني المظلوم. برأيكم هل قام إعلام البلدان الإسلامية بدوره تجاه الشعب الفلسطيني...؟» سؤال طرحته محطة تلفزيونية إيرانية على موقعها باللغة العربية. يتعرض الإعلام الغربي باستمرار إلى اتهامات من هذا القبيل من قبل محطات «الممانعة» وبعض وسائل الإعلام العربية والرأي العام العربي. ليس الغرض هنا الدفاع عن هذا الإعلام، لكنّ متابعة وسائل إعلام فرنسية تتيح ملاحظة ما يخالف هذه التهم أو على الأقل عدم دقتها تماماً. منذ بدء العدوان على غزة، ومحطات التلفزيون الفرنسية تضع الخبر ضمن عناوينها الأولى تحصي عدد القتلى الفلسطينيين، وتبرز الدمار الهائل في غزة، وإسعاف الجرحى والبحث في الأنقاض عن أحياء وصور الضحايا ولا سيما الأطفال وهي صور تترك أثراً كبيراً على المشاهدين، كما يُذكر إلى جانب هذا عدد الصواريخ الفلسطينية التي استهدفت إسرائيل. يمكن القول إن هذا هو الخط الرئيس الذي تسير عليه محطات مثل «فرانس2 « العامة، و «تي أف 1» الخاصة، والمحطتان الإخباريتان الخاصتان «ب أف أم» و «أي تلي». أما التمايز بين واحدة وأخرى فيتجسد بمدة تلك المشاهد وتنوعها، وبمدى الوقت المكرس للتغطية من داخل إسرائيل لإظهار مواقف الإسرائيليين وهلعهم وجريهم إلى الملاجئ كما تعليقهم على الأحداث. على «تي أف 1» مثلاً، أعلنت فتاة كانت «تلهو» مع عشرات من الأطفال في ملجأ انتظاراً لانتهاء الغارة أنه «على إسرائيل إكمال العملية وألا يتم وقف لإطلاق النار كما حصل في السابق، حيث احترمنا قراراتنا ولم يفعلوا(!)». رأي شاركها فيه كبار كانوا في مقهى «فلا خيار آخر(!)». تمايز من نوع آخر برز في اهتمام «أي تلي» بسؤال مراسلتهم في القدس عن الرأي العام الإسرائيلي وهو يرى صور الضحايا الأطفال وخصوصاً بعد موت عائلة بأكملها نتيجة قصف مبناهم. ردت المراسلة بأن الأمر «يثير نقاشاً في التلفزيون الإسرائيلي»، وأن صورة جثة الطفل الذي أخرج من تحت الأنقاض تصدم الرأي العام ولها «أثر سلبي على إسرائيل في حرب الإعلام». وقالت أن تحقيقاً يجري للتأكد مما قاله مسؤول من الجيش في تبريره لقصف البناية بأنها كانت مأوى لمسؤول من حماس «يده ملطخة بالدماء». لكن «فرانس 2» التي ذكرت في نشرة المساء بأن «بعض الصحافة الإسرائيلية يؤكد أن الجيش أخطأ الهدف»، طرحت على خبيرها سؤالاً «حساساً وساذجاً ربما وقد يغضب كثراً وهو: هل يوجد في هذا الخلاف معتدى عليه؟». بالتأكيد لن تكفي دقائق قليلة في نشرة مسائية للرد على سؤال يعود تاريخه إلى أكثر من نصف قرن، فالخلاف حصر هنا بما يجري حالياً والاستنتاج بأن «كل طرف يضع مسؤولية البدء على الخصم» هو استنتاج لا مفر منه، وهنا مشكلة هذا الإعلام وليست في «تبرير جرائم النظام الصهيوني».