لا يُخفي السويسريون اهتمامهم المتصاعد بأسواق أستراليا المصرفية والعقارية. ومع أن أغنياء سويسرا معروفون بطابعهم المحافظ والحذر إزاء كل ما هو جديد، الا أن بعضهم بدأ التخطيط لشراء أصول عقارية هناك خلال العام المقبل، فضلاً عن فتح بعض الحسابات المصرفية التي تساعده في التحرك بحرية أكبر حول العالم. أما الطبقة السويسرية الوسطى التي تريد شراء منزل في الخارج، فإن أستراليا تمثل فرصة كبيرة لها بما أن مصارفها تقدم قروضاً عقارية بفوائد تنافسية وأفضل كثيراً مما هو معروض من نظيراتها السويسرية. وثمة «غيرة» واضحة من المصارف السويسرية إزاء نظيراتها الأسترالية. وفي سويسرا مصرفان ضخمان هما «كريديه سويس» و «يو بي اس» يستحوذان معاً على أكثر من 80 في المئة من سوق القروض العقارية. أما في أستراليا فتوجد أربعة مصارف كبيرة هي «سي بي آي» و «ويستباك» و «ان آي بي» و «آي ان زيد»، وهي ضمن قائمة أفضل 11 مصرفاً في العالم لناحية برامجها التجارية المطروحة في الأسواق. ويكمن سر نجاح المصارف الأسترالية في تكاليف ادارة عملياتها ومنتجاتها. ففي عام 2000 كانت هذه المصارف تتقاضى إثنين في المئة من كل عملية مصرفية، وخصوصاً القروض العقارية الطويلة الأمد. أما اليوم، فقد تراجعت هذه الكلفة إلى نحو واحد في المئة فقط. وعالمياً تحتل المصارف السويدية واليابانية المرتبتين الأولى والثانية، تليهما الأسترالية في المركز الثالث على لائحة المصارف الأكثر تنافسية لناحية الفوائد على القروض العقارية. ويعتبر توسع المصارف الأسترالية في الخارج أكبر من انتشار السويسرية. فالأصول العقارية الأسترالية في آسيا مثلاً تصل قيمتها الاجمالية إلى نحو 15 بليون دولار مقارنة بثمانية بلايين لأكبر مصرفين سويسريين. كما أن 60 في المئة من نشاطات المصارف الأسترالية الأربعة الأكبر، موجودة داخل قطاع الائتمان العقاري مقارنة بنحو 45 في المئة فقط لدى أكبر مصرفين في سويسرا. ويبدو المصرفيون السويسريون على دراية بما يحصل حولهم من منافسة وجاهزية ائتمانية عقارية أعلى للمصارف الأسترالية وغيرها، إلا أن خططهم المستقبلية تأخذ في الاعتبار إمكان إعطاء قروض شخصية وعقارية، لغير المقيمين في سويسرا. صحيح أن كلفة هذه الخدمة النوعية ستكون عالية قليلاً لكنها ستتيح للمصارف المحلية تعزيز هوامش أرباحها بشكل مقبول. ويجري الحديث، منذ فترة، عن إمكان ضخ أكثر من 1.8 بليون فرنك سويسري على شكل قروض عقارية، للأجانب غير المقيمين رسمياً في سويسرا اعتباراً من العام المقبل، شرط أن تكون العقارات التي يريدون شراءها بالتقسيط داخل سويسرا. مصرفياً، قد تكون أوضاع المصارف الأسترالية أفضل من تلك السويسرية لكن تعلق أستراليا بأحوال الصين وتجارة المواد الأولية الدولية أعلى كثيراً منه في سويسرا، التي يمكن اعتبارها مستقلة أكثر من غيرها عما يجري في الدول الأخرى.