استعاد الشاعر علي مهدي ذكريات الطفولة والحياة والشعر، واعترف، في الأمسية الشعرية التي أقيمت في مجلس ألمع الثقافي، وأدارها الشاعر خلف العسكري، بأنّ الشعر «تفتّق في داخله نتيجة المعاناة»، حين كتب أوّل بيت شعري في حياته وهو ابن ال11 من عمره، بعد أن أجدبت الأرض، وجفّت الآبار، فكتب بيته الشعري مخاطباً وزارة المياه قبل 50 عاماً تقريباً بقوله: «وزارتنا الجليلة أنقذينا/ فإنّ كثيرنا ذهبوا ضحايا!». واستعرض «مهدي» في أمسيته ذكريات المدن التي ألهبت المشاعر في داخله، ليكتب القصيدة، فعدّ «أبها» ملهمته، واعتبر «الرياض»المدينة التي حضنته قبل 50 عاماً، كما وصف أساتذته الذين علّموه بأنّهم كانوا «أدباء يجيدون الأدب، وشعراء يبصرون مواطن الجمال وأهله»، وذكر أنّه يحتفظ بمواقف كثيرة مع الشعر كتابة وإلقاءً، ولعلّ أبرز تلك المواقف حين كان معلماً في معهد أبها العلمي، وطلب منه أن يُقدّم الشاعر العربي الكبير عمر أبو ريشة على المنبر، الذي زار المعهد في وقتها، وبعد أن بدأ تقديمه، تفاجأ بالشاعر الكبير عمر أبو ريشة يطلب منه أن يتوقّف، بعد أن قرأ بعض ما كتبه قائلاً له: «أتريد أن تسحب البساط من تحت قدميّ؟»، ووصف قصيدة النثر ب«الجميلة التي لم أستطع الاقتراب منها»، مشيراً، في ردّه على سؤال أحد الحاضرين في أمسيته الشعرية، إلى أنّ قصيدة النثر «عظيمة في خيالاتها، وطاغية في إبداعاتها، لأنّها تحمل في داخلها روحاً تتطلّع إلى الحياة». وفي كليّة اللغة العربية في الرياض وقف قارئاً لقصيدته الشعرية الأولى، التي كتبها بين يدي أستاذه عبدالرحمن رأفت الباشا، بعد أن كان فتى يتسّلل خوفاً من أن يقال عنه شاعر، «احتقاراً للشاعر وخوفاً من غوايته»، كما قال! لكنّ خوفه لم يدم طويلاً بعد أن قرأ قصيدته التي قال فيها: حُرّقت مُقلتي وهُدّ بنائي/ واعتراني الضنى وغامت سمائي/ فإذا القلبُ في الهمومِ غريقٌ/ بعد أنسٍ وراحةٍ وهناء». وذكر أنّ حياته لم تخل من ندم، حين قرّر هَجْر التعليم والاتجاه إلى تجارة الذهب، فكتب يقول: «بلغ الشأو في الهوى أو كادا/ وتمادى وقيل قيسٌ عادا/ كلّ شيء وقفته في هواها/ وهجرت الإخوان والأولادا».