بفارغ الصبر انتظر الجميع ما تمخضت عنه تجربتنا الوليدة في انتخابات رئاسة اتحاد الكرة، بعد أن سمعنا بهذه الكلمات في أيام خلت، عندما تزينت الصحف والاستراحات وقصور الأفراح بالانتخابات البلدية وبرامج مرشحيها، ولكن الواقع يقول إن الجمل فيها تمخض فولد «فأراً»، وأثبتت الأيام فشل التجربة شكلاً ومضموناً، وربما لأننا اعتدنا على التعيين، ولم تنضح بعد فكرة الديموقراطية في أذهاننا. اليوم أصبحنا في مرحلة جديدة. هكذا تمنينا شأننا شأن دول العالم كافة التي تسير فيها الانتخابات بشكل سلس وبطريقة حضارية، على رغم ما لاح في الأفق من اتهامات لأسماء بعينها بالدعم الخفي وتسريب لاسم الفائز من دون دليل بحجة «قوة نفوذ من يدعمه وسلطتهم». فوضح أن التكتلات والدعم ومنح الأصوات لم تكن بناءً على ما يحمله برنامج كل مرشح من رؤى وأفكار ومشاريع مستقبلية، بل باعتبار ما كان من ميوله وانتماءاته الرياضية، وعلى رغم أنها حق له، إلا أن الرئيس مؤتمن، والأمانة تحتم عليه أن يضع ميوله جانباً بعد تقلد المنصب. أجريت الانتخابات بطريقة حضارية، وأعيد التصويت، وفاز أحمد عيد ليكشف هذا الحدث براءة المتهمين ونزاهة الترشيح، ويسقط في يد من طعن في الذمم، وشكك في أخلاق بعض رؤساء الأندية ومنسوبيها، وبقي حقهم في الاعتذار في ذمة من اتهمهم. مبروك لأحمد عيد المنصب الأكثر سخونة، وعليه قبل أن يغرق في تهاني المحتفلين وينتشي بها، أن يفتح عاجلاً ملفات الكرة السعودية الدامية، لعل أهمها المركز المتأخر الذي تقبع فيه والديون التي تثقل كاهلها، على رغم العقود الضخمة التي أبرمت سابقاً ولاحقاً لتسويق الدوري، وأن تعود الهيبة المفقودة لاتحاد الكرة التي تبعثرت كثيراً بوجود رئيس موقت، على رغم احترامنا لتقبله المهمة في الوقت الحرج، لكن ذلك لا يعفيه مما حدث. طموحنا في الرئيس المنتخب أن يستقل برأيه، وألا يكون شكلياً لمجرد التوقيع على ما يصدر من تعاميم أو الظهور في وسائل الإعلام للرد على ما يوجه له من نقد، وأن يحقق على الأرض ما أعلن عنه من خطط استراتيجية، فلن نقبل أن تكون حبراً على ورق بحجة وجود معوقات مالية على أن يخضع للتقويم بعد عامين من رئاسته من لجنة محايدة، فالمنصب ليس تشريفاً بقدر ما هو تكليف بحمل ثقيل وتركه من الفوضى الإدارية والفنية، وهو ما يلزمه إلزاماً بإعادة صياغة العمل في أروقة الاتحاد كافة وتجديد الدماء بقدرات شابة مؤهلة أكاديمياً، فليس بالخبرة وحدها تسير الأمور دائماً ولم يعد مقبولاً أن نجد مسؤولاً يتبرأ مما حدث من تقصير من قبله، ويقلي باللائمة على غيره. نريد رئيساً «أصلاً» بجميع الصلاحيات الممنوحة لأمثاله في الدول كافة، وليس «صورة» تدار عن بعد من جهات وشخصيات أعلى، فتملى عليها بعض القرارات ويظهر فيها بطلاً، ويغض الطرف عن أخرى، فتسقط هيبته. [email protected] Qmonira@