كان حدثاً غير عادي أن يكون ميسي ومنتخب بلاده الأرجنتين بيننا لخوض مباراة ودية مع منتخبنا في كرة القدم، لذا تسابق الجميع ليحظوا بصورة أو نظرة أو أضعف الإيمان كلمة «ولو جبر خاطر» من أفضل لاعب في العالم، فحدث ما حدث في صالة الطيران الخاص التي لم يكن لها من اسمها نصيب والفوضى تضرب أطنابها، فيحضر «الرشاش» و«البندقية» ويغيب الوعي والتنظيم تماماً في مشهد غير حضاري تناقلته كثير من وسائل الإعلام بتهكم، فيما هوّن بعض مسؤولينا أمره واعتبروه معتاداً على رغم أننا لم نشاهد مثله حتى في أقل الدول تخلفاً وفقراً، فانشغل الإعلام بالحدث حد الثمالة وأشبعه حديثاً، ثم لعب المنتخبان وتعادلا، وكانت الكفة تميل قبلاً وبثقل واضح لهم، لكنها تساوت بإصرار لاعبينا فانقلب الساخرون إلى مادحين مفتخرين بالإنجاز..! وهكذا ظل الحدث محور أحاديث الإعلام والناس قبل وصول الأرجنتينيين وطوال مكثهم في الرياض، وسيبقى كذلك بعد مغادرتهم، إذ يتوقع ملاحقة وكالات الأنباء والصحف الدولية وعرض ما تكتبه، ففي خضم هذه الأحداث والرغبات المحمومة للتصوير والحرص على حيازة السبق في التغطية وبث الخبر بقي حدث مهم مرّ على وسائل الإعلام كافة على استحياء وأشاد به القلة بخجل وبقي مجهولاً لدى الغالبية، وهو قيام مكتب الدعوة في البطحاء مشكوراً بجهد جبار توّج بإهداء ميسي ورفاقه كتباً عن الإسلام والتعريف به. كم من المنتخبات والأندية العالمية زارتنا، فماذا قدمنا لهم تعريفاً بديننا وبنبينا؟ وكم من مدرب ولاعب بيننا وآخرون غادرونا بعضهم لم يبق في ذهنه عن بلادنا سوى تأخير مستحقاته المادية وشكاوى وصلت إلى «فيفا» لعدم الوفاء بحقوقه التي في ذمة ناديه؟ وما قضية البرازيلي في الاتحاد سوزا والدائرة الآن إلا أحدثها، فهو يلجأ لسفارة بلاده لتؤمن خروجه من السعودية ليتمكن من متابعة قضيته ضد الاتحاد لدى «فيفا» بالقانون، بعد أن فشل في الحصول عليها بالوعود والتأجيل المتكرر الذي أفقده الثقة فيمن يتعامل معهم داخل النادي. خبر إهداء الكتب عن الإسلام كان يجب أن يكون الأكثر مشاهدة وتداولاً في الصحف ووكالات الأنباء الأرجنتينية والعالمية، وليس الاستقبال المدجج بالسلاح ومشاهد الفوضى لنمحو صوراً كثيرة شوّهت الإسلام من قبل بعض السعوديين الذين كان يفترض وهم في منبع الإسلام الصافي أن يعكسوا صورة المسلمين الحقيقية في الوفاء بالعهود وإتمام العقود، فتغييب هذا العمل الجليل الذي يستحق الفخر يعني أننا لا نجيد استثمار المناسبات الكبرى في إرسال رسائل إيجابية مشرقة للعالم عن بلادنا وديننا وأهلينا، على رغم كل ما تبذله الدولة في سبيل ذلك من جهد سيظل دون المأمول ما لم يكن وفق استراتيجية واضحة المعالم، وليس مجرد جهود فردية. [email protected] @Qmonira