مئة يوم من الانتظار، نهايتها خروج بطعم العلقم أو أشد مرارة.. خيبة أمل وسحابة حزن جديدة تحلق على سماء الوطن.. ذلك الأربعاء الأسود الذي ينضم لأشقائه من أيام الحزن السعودية التي كثرت وتكررت في السنوات الأخيرة.. أربعة أهداف أسترالية، وانهيار تام لأفراد المنتخب كافة، ولأجهزته الفنية والإدارية التي فوجئت بما يحدث على أرض الملعب، ولم تحرك ساكناً، وربما هي صدمة الواقع الذي غُيب بفعل فاعل، بينما الحقيقة التي لا تحجب بغربال تقول إنه ليس مفاجئاً أن يودع المنتخب السعودي التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم، ومن بابها الأول، فقد ظلت مسيرته فيها تتأرجح بين السيئ والعادي، ولم يقدم ما يشفع له بالتأهل للدور الثاني، إلا إن كانت مباراة تايلند في الرياض، وما صاحبها من احتفالات ومكافآت قد أوحت بغير ذلك، فتلك مأساة فعلاً. قبل الختام كان العقلاء يجزمون بصعوبة المهمة، لكن بصيص الأمل كان يلوح في الأفق من خلال معادلات التأهل التي راجت ودغدغت المشاعر، إضافة إلى نبرة التفاؤل المفرطة التي طغت على وسائل الإعلام في اليومين الأخيرين بلا سبب مقنع، وكان لها فعل السحر لدى الجماهير الرياضية التي تمنت وتعشمت أن تغسل الأحزان تحت زخات المطر الأسترالي الذي كان هو الآخر مصدر استبشار، و«لكن وآه من لكن»، صفع الشوط الثاني من المباراة الجميع على وجوههم، وكشف أن الشق أكبر من الرقعة، وأن البدايات السيئة حتماً ختامها أسوأ، ومحاولات الإنعاش التي تمت سواء بالتعاقد مع ريكارد بعد خراب مالطا، أو بالتهيئة النفسية أو بالتطبيل الإعلامي لم تجد نفعاً، لأنها جاءت متأخرة جداً بعد موت الحلم.. أرأيتم ميتاً يجدي معه الإنعاش وتنفعه الإفاقة؟. «الصقور» باتوا «حمائم وديعة»، ومن وداعتها أنها أخلت المكان لغيرها ومن أول خطوة في بادرة تحدث لأول مرة من 1994، لذا كان لزاماً أن يبحث المسؤولون عما يشغل الرأي العام عما حدث، بإقالة أنفسهم التي نصبوها ليكون الحديث في الأيام المقبلة عن «جرأة الرئيس» و«تحمل المسئولية» و«الانتخابات» و«أبرز المرشحين».. ثلاثة مواضيع ستكون حديث الشارع الرياضي، وعندها سيجير الخروج المذل، والهزيمة الكبرى ضد مجهول، وهو ما يراد له، وستطفو فقاعات إعلامية تمارس عادتها في الطفو في مثل هذه المواقف وكيل المديح، وهؤلاء هم أحد الأسباب في نكبة الكرة السعودية، وعليهم أن يخجلوا مما يمارسون من جريمة بحق الوطن، وهم ينفخون في المسؤولين، فيما الفشل متواصل. وداعاً لندن، ثم وداعاً البرازيل في أسبوع.. في أكبر خيبة نعيشها في تاريخنا الرياضي الحديث، فماذا بعد؟ [email protected] @qmonira