رفعت تظاهرات الأردن التي خرجت في مدن عدة أمس سقف شعاراتها مجدداً لتطاول مؤسسات سيادية وشخصيات رمزية في البلاد، فيما هيمنت قضية المعتقلين لدى محكمة «أمن الدولة» العسكرية الذين لم يشملهم قرار سابق بالإفراج عن جميع ناشطي الحراك، على الاحتجاجات التي خرجت على رغم برودة الطقس وتساقط الأمطار. ونظم المئات اعتصاماً أمام المسجد الحسيني وسط عمان تحت شعار «إحنا الشعب الخط الأحمر»، في إشارة إلى اتهام المعتقلين لدى المحكمة العسكرية بتجاوز الخطوط الحمر في هتافاتهم. وحضر الاعتصام الذي دعت إليه حركات شبابية، عائلات المعتقلين الذين لا تزال المحكمة ترفض الإفراج عنهم والبالغ عددهم عشرون، ومنهم القيادي في جماعة «الإخوان المسلمين» عماد أبو حطب. وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمر الحكومة أخيراً بالإفراج عن معتقلي الحراكات، وتعهد رئيس حكومته عبدالله النسور تنفيذ الأمر الملكي خلال 48 ساعة، وهو ما انتقده الناشطون خلال الاعتصام. وهتف شبان غاضبون ضد اعتقال زملاء لهم بشعارات من قبيل «الشعب يريد إسقاط محكمة أمن الدولة»، و «يا حرية وينك وينك... أمن الدولة بيني وبينك»، إضافة إلى «نحن الشعب الخط الأحمر، يسقط يسقط حكم العسكر». كما رفعوا لافتة كبيرة كتب عليها «احنا الشعب الخط الأحمر»، وصوراً للمعتقلين، إلى جانب لافتات حملت أسماءهم، وأخرى تعهدت مواصلة التظاهرات حتى تتحقق المطالب الشعبية. وقال الناشط في الحراك الشبابي محمد الزغول إن «الشعب الأردني هو الخط الأحمر الوحيد، وهو مصدر السلطات والشرعية». وخاطب المتظاهرين بالقول: «تم الاعتداء على حقوقكم من تحالف الفساد والسلطة الذي يصادر حرية التعبير، والسجون أكبر شاهد، إذ امتلأت بالمعتقلين بعد هبة تشرين المجيدة». وفي نهاية الاعتصام، وزع المحتجون بياناً جاء فيه أن «الشعب مصدر السلطات جميعها، وأن سياسة الحكومة الاقتصادية بعد أن رفعت أسعار المحروقات، ستسهم في تراجع مستوى معيشة المواطن». وأكد البيان «دعم موقف الحراك الرافض للانتخابات النيابية في ظل قانون قاصر عن تحقيق ما يصبو إليه المواطن، وإفساح المجال للوصول إلى إصلاحات حقيقية تلبي الطموح وتتيح للجميع المشاركة في صنع القرار». وشهدت محافظة الكرك جنوبي البلاد أيضاً 3 تظاهرات نددت باستمرار الاعتقالات، كما شهدت مدينة إربد وقرى ساكب وفقوع شمال البلاد تظاهرات ووقفات احتجاجية طالب كلها بتسريع الإصلاح والتأكيد على مقاطعة الانتخابات البرلمانية والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين. وشهد الأردن منتصف الشهر الماضي احتجاجات ضد الفساد ورفع الأسعار قتل فيها متظاهرون في إربد شمال البلاد، كما شهدت وفاة شرطيين وإصابة نحو 50، بحسب تقارير حديثة للأمن العام. وكان العاهل الأردني تعهد في تصريحات سابقة حماية حق التعبير السلمي المكفول بالقانون والدستور، لكنه انتقد من وصفهم ب «القلة» التي قال إنها انتهكت القانون. كما أشاد بما وصفه «التعامل المهني» لرجال الأمن مع التظاهرات.