صعدت الاحتجاجات التي خرجت أمس في الأردن من خطابها ورسائلها السياسية، فخرجت تظاهرات في مدن إربد (شمالاً) والطفيلة والكرك ومعان والعقبة (جنوباً)، مطالبة بالإفراج عن معتقلي الحراك الشعبي، فيما طالبت تظاهرة شارك فيها نحو 1500 متظاهر أمام محكمة «أمن الدولة» العسكرية بإلغائها، منتقدة تدخل المؤسسة الأمنية في الحياة السياسية. واللافت في تظاهرات الجمعة أن منظمي غالبيتها شكلوا حركة شعبية غابت عنها الأحزاب السياسية، باستثناء تظاهرة «أمن الدولة» التي شارك فيها عدد محدود من قيادات الحركة الإسلامية، وهتف خلالها شبان غاضبون ضد اعتقال زملاء لهم بشعارات من قبيل «الشعب يريد إسقاط محكمة أمن الدولة»، و»يا حرية وينك وينك... أمن الدولة بيني وبينك»، إضافة إلى «نحن الشعب الخط الأحمر، يسقط يسقط حكم العسكر». وجرت التظاهرة التي حملت عنوان «جمعة إسقاط الأحكام العرفية» مقابل مبنى المحكمة المحصن بالأسلاك الشائكة والمصفحات العسكرية في منطقة ماركا الشمالية (شرق عمان) وسط وجود أمني كثيف. وطالب المتظاهرون بإطلاق معتقلين يحاكمون أمام المحكمة نفسها بتهم مختلفة على خلفية الاحتجاجات الشعبية ضد قرار رفع أسعار المحروقات منتصف الشهر الماضي. وأفرجت السلطات الأردنية نهاية الأسبوع عن المعتقلة علا صافي التي كانت المرأة الاولى التي تعتقل منذ بداية الحراك الأردني المطالب بالإصلاح قبل عامين، في حين واصلت السلطات اعتقال 116 شخصاً، أحيلت غالبيتهم على «أمن الدولة». وجاء الإفراج عن صافي بالكفالة من جانب المدعي العام للمحكمة بعد أن اعتقلت منتصف الشهر الماضي عند دوار الداخلية وسط عمان. وأثار اعتقالها موجة انتقادات للسلطات الأردنية، خصوصا بعد أن أظهرت صور تعرضها الى الضرب على ايدي رجال الأمن والدرك الذين اقتادوها وهي مغمى عليها الى سيارة اعتقال في المكان. وكانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» وجهت انتقادات حادة الى السلطات الأردنية بسبب قمع التظاهرات التي تلت ارتفاع الأسعار، وانتقدت اعتقال ناشطين واحالتهم على المحكمة العسكرية. كما وجه تقرير للمركز الوطني لحقوق الإنسان (تموله الحكومة) انتقادات للسلطات الأمنية على خلفية ملف المعتقلين، ورصد انتهاكات عدة تعرضوا لها. لكن الأمن العام نفى تعرض المعتقلين الى انتهاكات، ووصف بعض تصريحات محامين وناشطين ومعتقلين سابقين ب»الفبركات الإعلامية». وشهدت احتجاجات الأردن مقتل متظاهرين في إربد شمال البلاد، كما شهدت وفاة شرطيين وإصابة نحو 50، حسب تقارير حديثة للأمن العام. وتعهد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في تصريحات الأربعاء الماضي بحماية حق التعبير السلمي المكفول بالقانون والدستور، لكنه انتقد من وصفهم ب «القلة» التي قال إنها انتهكت القانون. كما أشاد بما وصفه «التعامل المهني» لرجال الأمن مع الاحتجاجات الأخيرة. وكانت احتجاجات واسعة اندلعت منتصف الشهر الماضي في الأردن بعد رفع أسعار المشتقات النفطية بنسب وصلت إلى 53 في المئة لمواجهة عجز الموازنة السنوي الذي قارب 7.7 بلايين دولار.