اتفقت دولتا السودان وجنوب السودان على خطوات عملية لإنشاء منطقة عازلة على حدودهما المشتركة وانسحاب متبادل من ثماني مناطق يتنازعان عليها، وأحالا مناقشة وقف دعم وإيواء المتمردين على جولة جديدة من المحادثات الشهر المقبل. وجاء ذلك فيما تعهدت حكومة الرئيس عمر البشير القضاء على المتمردين في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق في العام الجديد، واعتبرت مخطط فصل المناطق الثلاث عن السودان «وهماً كبيراً». وأعلن وسيط الاتحاد الأفريقي ثابو مبيكي عن حدوث انفراج في المحادثات الأمنية بين دولتي السودان وجنوب السودان في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، موضحاً أن البلدين اتفقا على إقامة منطقة آمنة منزوعة السلاح على الحدود بينهما، وعلى الشروع في سحب قواتهما من تلك المنطقة. وأكد أن البلدين اتفقا على اتخاذ خطوات عدة لتنفيذ الاتفاقات القائمة، منها إقامة منطقة منزوعة السلاح على موقع تلك المنطقة الحدودية. وقال إن الطرفين اتفقا على ضرورة اتخاذ خطوات سريعة لضمان إقامة المنطقة على حدودهما، وهذا يعني أن على أي قوات من جنوب السودان تنتشر شمال تلك المنطقة الحدودية الآمنة التراجع جنوباً مسافة عشرة كيلومترات من خط الوسط، وأن القوات المسلحة السودانية ستتحرك أيضاً لمسافة عشرة كيلومترات شمال الخط الحدودي. كما أعلن الجيش السوداني أن اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بين البلدين التي اختتمت في أديس أبابا ليل الثلثاء أسفرت عن «نجاح كبير تمثل في 11 نقطة سيتمخض عنها عمل ملموس تجاه فك الارتباط بين الجيش الجنوبي والمتمردين الشماليين وإنهاء الدعم والإيواء لمتمردي الدولتين». وأكد أن المجتمعين في أديس أبابا تمكنوا أخيراً من تجاوز كل العقبات التي واجهتهم في الخرطوم وجوبا، مبيّناً أنه تم الاتفاق على تنفيذ كافة الاتفاقات المتعلقة بالترتيبات الأمنية وتفعيل آليات أمن الحدود بين الدولتين واللجنة الخاصة بتلقي الشكاوى. وأشار إلى انه تم الاتفاق على التحقق والشروع في الترتيبات الفنية والإدارية لفتح المعابر الحدودية بين الدولتين بجانب إقرار رئيسي أركان الجيش في الدولتين معالجة بعض القضايا العالقة التي تشمل إيقاف دعم وإيواء المتمردين. واتفق الطرفان أيضاً على انسحاب قوات البلدين من المناطق الآمنة المنزوعة السلاح التي تشمل مناطق كافية كنجي وحفرة النحاس ودبة الفخار وكاكا التجارية ومحطة بحر العرب وسماحة وبحيرة الأبيض والببنيس في ولاية النيل الأزرق. إلى ذلك، أعلنت الخرطوم أن العام الجديد سيشهد القضاء على المتمردين وتوعدت بسحقهم في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وإقليم دارفور وملاحقتهم «شبر شبر (شبراً شبراً) وغابة غابة»، مؤكدة قدرتها على الحسم مع المتمردين في أي بؤرة وجدوا فيها داخل الحدود السودانية. وقال نائب الرئيس السوداني الحاج آدم يوسف إن «الحلم سيطول» إذا ظن قادة التمرد في «الحركة الشعبية - الشمال» وحركات دارفور إنهم سيحققون انتصارات في ميادين القتال من خلال «التآمر مع قوى أجنبية»، واعتبر مخططاتهم بفصل بعض المناطق عن السودان بالوهم الكبير، لافتاً إلى أن انفصال الجنوب تم برضى حكومته و «لن تسمح بأي انفصال جديد مهما تكالبت علينا الأعداء». وأضاف يوسف لدى وداعه عدداً كبيراً من متطوعي قوات الدفاع الشعبي التي تقاتل إلى جانب الجيش المتوجهين إلى مناطق العمليات: «فليعلم الجميع أن انفصال الجنوب هو آخر انفصال، ومن يحلم بفصل النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور فهو واهم لأن ذلك لن يحدث وسندافع حتى آخر فرد لدينا من أجل أن يظل السودان موحداً»، مؤكداً أن عام 2013 سيكون عام الحسم للتمرد في السودان. من جهة أخرى، كرر تحالف أحزاب المعارضة السودانية عزمه الجدي إسقاط النظام الحاكم عبر الوسائل «المشروعة والمتاحة» وإقامة بديل ديموقراطي. ودعا المواطنين في العاصمة والأقاليم إلى الاستعداد لما اعتبرها «معركة جماهيرية فاصلة في مواجهة النظام». واعتبرت قوى المعارضة موازنة الدولة لعام 2013 موازنة حرب وليست تنمية، إذ يذهب غالبيتها للدفاع والأمن، بالإضافة إلى افتقارها إلى موارد حقيقية، عدا عن الضرائب والجمارك وزيادة الإنفاق الحكومي «الذي يفضح دعاوى الحكومة للتقشف». وأصدر تحالف المعارضة «إعلان أم درمان السياسي» عقب اجتماع رؤساء الأحزاب، وقال الإعلان إن البلاد تسرع الخطى نحو هاوية بسبب سياسات الفساد والاستبداد والظلم الاجتماعي والجهوي بالإضافة إلى التردي الاقتصادي. وحمّل الحكومة مسؤولية انفصال الجنوب وإشعال الحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، بالإضافة إلى الدخول في «حرب باردة» مع دولة الجنوب. وأعلن التحالف وقوفه بكل قوة مع «الحقوق المشروعة لأهل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وأبيي»، ودان مقتل أربعة من طلاب إقليم دارفور في جامعة الجزيرة. على صعيد آخر، قال الجيش السوداني إن طائرة عسكرية تحطمت بعد ظهر أمس الأربعاء في مطار الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان في غرب السودان المتاخمة لولاية جنوب كردفان المضطربة. وأوضح العقيد الصوارمي خالد سعد الناطق باسم الجيش في تصريح بثته وكالة الأنباء السودانية الرسمية أن «المقاتلة العسكرية تحطمت نتيجة تعثر الإجراءات الفنية المتعلقة بالطائرة التي نفّذ قائدها المهمات الموكلة إليه». وأضاف سعد أنه وبعد عودة الطائرة من مهمة وأثناء محاولتها الهبوط تعثر الإجراء الفني مما أدى إلى تحطم الطائرة داخل مطار مدينة الأبيض واحتراقها ومقتل قائدها الملازم محمد إبراهيم محمد أحمد. توقيف كاهنين «عمّدا مسلمة» على صعيد آخر (أ ف ب) اعتقل كاهنان من الكنيسة القبطية السودانية بعدما عمّدا مسلمة اعتنقت المسيحية، كما أفاد الاربعاء مسؤولون دينيون. وصرح مسؤول ديني إلى «فرانس برس» طالباً عدم ذكر اسمه: «كان هناك شخص عربي اعتنق المسيحية وعمّد» من قبل الكاهنين اللذين أوقفا في الايام الماضية. وأكدت مصادر دينية أخرى الواقعة لكن لم يصدر على الفور أي رد فعل عن اسقف الخرطوم القبطي. وفي ظل نظام الرئيس عمر البشير الحاكم منذ 23 سنة، لم يشهد اقباط السودان أعمال عنف مماثلة لتلك التي يتعرض لها الاقباط في مصر. لكن مجموعة غير معروفة تطلق على نفسها اسم «تنظيم القاعدة في ولايات النيل» أرسلت الثلثاء بياناً للصحافيين السودانيين هددت فيه بارتكاب أعمال عنف ضد الاقباط في حال لم يتم الإفراج عن المرأة التي اعتنقت المسيحية و «خطفها» المسيحيون.