شاعت عبارة «ذهب مع الريح» التي أطلقها مبتعثون إلى جامعات أميركية وبريطانية، تعبيراً عن التمرد على الزي الرسمي الذي اعتادوا ارتداءه في مؤسساتهم التعليمية في السعودية. وراح بعضهم يرتدي ما يحلو له، بينما اختار آخرون، خصوصاً في أقسام الطب، البنطال والقميص المرتبين وبألوان هادئة. غير أن اللامبالاة عموماً إزاء الأزياء اللائقة بحرم جامعي جعلت كثيرين يحذون حذو زملائهم الآتين من الخارج. «شورت وفانيلا وكاب» عبارة مستعارة من اسم فيلم مصري شهير، باتت تستخدم لوصف تقليعات اعتمدها مبتعثون سعوديون في لباسهم أسوة بنظرائهم داخل القاعات الدراسية. وفي ذلك، يقول الطالب في جامعة نيوهافن الأميركية، مساعد السليم: «في البداية، كنت ألتزم القميص والبنطلون. لكن توجه طلاب كثيرين إلى ارتداء ما يحلو لهم من دون رقيب، وقلة انتباه الطلاب الغربيين لمسائل كهذه، شجعاني على حضور المحاضرات مرتدياً شورتاً وفانيلا وكاباً». وأكد زميله مشاري العلي: «كنت أستنكر ما يرتديه بعضهم، ولم أتوقع أن أصبح مثلهم ذات يوم، إلى درجة أني عمدت أنا وصديقي الكويتي إلى شراء بيجامات لارتدائها في الكلية، في غياب المراقبة». وذكر مبتعثون في جامعة «فلوريدا إنستيتيوت أوف تكنولوجي» أن الحرية لا تقتصر على اللباس وبناطيل الخصر الخفيض low waist فحسب، بل أيضاً تجاوزت ذلك إلى قصات الشعر الغريبة، وكلها كانت محظورة داخل ردهات الجامعات السعودية. لكن المحاضر عبد الله العتيبي انتقد مثل هذه التصرفات قائلاً: «لا أجد مبرراً كافياً، يدفع الطالب إلى ارتداء ألبسة واعتماد قصات لا تليق بمكان علم موقر، حتى وإن كان ذلك لا يخالف أنظمة الجامعة». وعلى رغم تباين وجهات نظر الأساتذة إزاء ما يرتديه الطلاب داخل قاعات الدراسة، لا يتأخر الطالب «صاحب التقليعة» عن تقديم شكوى ضد أستاذه إذا انتقد ملبسه ومنعه من حضور محاضراته. وتنتهي هذه الشكاوى عادة بفوز الطلاب. يقول الطالب خالد عبد الله: «في إحدى المحاضرات، انتقد الدكتور أحد الطلاب المواطنين وكان يرتدي فانيلا وشورتاً، ومنعه من حضور محاضراته لاحقاً، فهدده الأخير بتقديم شكوى ضده إلى المشرف. وهو ما دفع الأستاذ إلى التراجع واعتذاره من الطالب». وأضاف زملاء آخرون أن عميد الكلية وبعض الأساتذة «يلتزمون الزي الرسمي، في حين لا يكترث آخرون ارتداء برمودات وغيرها أمام طلابهم». ونتيجة إقدام بعضهم على انتهاج «التغيير»، عبّر مبتعثون عن تبدد مخاوفهم من تسلط أساتذة وترصدهم بهم، كما يحصل في جامعات سعودية. وأوضح بعض منهم: «أحياناً، يتعرض الطالب السعودي للقمع والظلم من قبل أستاذه، إذا اختلفا، وقد يذهب الأخير إلى ترسيب الأول ويلقى دعم زملائه الأساتذة، حفاظاً على الزمالة». وزاد آخرون أن «ذلك على عكس الأوضاع في جامعات غربية، حيث تبادر إداراتها إلى تلقي شكوى الطالب وتكليف المشرف الدراسي النظر في القضية، وقد يُمنح لقاء مع عميد الكلية الذي يبت مشكلة الطالب أمام العميد والأستاذ «المدّعى عليه» بحضور شهود».