حقق مسلحو المعارضة السورية تقدماً واضحاً على الأرض داخل مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوبدمشق لكن الجيش يحضر هجوماً مضاداً واسع النطاق ما دفع بالسكان إلى نزوح كثيف. وقال أحد سكان مخيم اليرموك إن «مئات من عناصر الجيش السوري الحر موجودون» داخل المخيم. ودخل الرجل المخيم لجلب أغراض شخصية من منزله قبل أن يغادره من جديد. وأشار إلى دعوات وجهت من مساجد المخيم الواقع في جنوب العاصمة السورية عبر مكبرات الصوت إلى السكان ليغادروا المكان. وأضاف الشاهد أن الجيش السوري أمهل السكان حتى الساعة 12 (10 ت.غ) لأخذ أغراضهم والرحيل. وقال شهود إن وحدات تابعة للجيش السوري فرضت صباح أمس «طوقاً أمنياً» على جميع مداخل المنطقة المؤدية إلى مخيم اليرموك من جهة دمشق، باستثناء المداخل المقابلة للريف الدمشقي، ما اعتبر استعداد لعملية عسكرية لبعض أحياء المخيم. وتقدمت عناصر في «الجيش الحر» والمعارضة المسلحة في «اليرموك» وسيطرت على ثلاثة شوارع من المخيم وهي شارع التقدم وشارع العروبة وشارع الثلاثين. وأشارت مصادر إلى أن المعارضة المسلحة تقدمت بعد اشتباكات طفيفة مع عناصر «اللجان الشعبية» التي شكلتها «الجبهة الشعبية – القيادة العامة» بزعامة أحمد جبريل التي تضم نحو 700 مقاتل. ولاحظت أن عدداً من أعضاء «اللجان» لم يدخل في معارك مع المعارضة المسلحة وفضل الاستسلام وتسليم مواقعه. ويبلغ عدد سكان المخيم 150 ألفاً غالبيتهم العظمى من الفلسطينيين، وبينهم سوريون أيضاً. وقد نزح قسم كبير منهم خلال اليومين الماضيين بسبب الاشتباكات التي وقعت داخل المخيم بين مقاتلين معارضين للنظام السوري وفلسطينيين موالين للنظام. كما تعرض المخيم الأحد لغارات جوية من الطيران الحربي السوري ما تسبب بمقتل ثمانية أشخاص وكانت أعداد من سكان المخيم نزحت منه مع بدء المعارك في محيطه قبل أشهر، إما إلى أحياء أخرى في دمشق وإما إلى خارج سورية. وقال شاهد عيان إن «البعض قرر الامتثال للإنذار والبعض الآخر قرر البقاء». وقال إنه شاهد في شوارع المخيم الكثير من عناصر الجيش السوري الحر الذين قدموا من أحياء مجاورة لا سيما الحجر الأسود ويلدا. ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن مسلحي المعارضة يحاولون السيطرة على المخيم وطرد المقاتلين الفلسطينيين المؤيدين للنظام منه. وأفاد المرصد صباح أمس عن «اشتباكات عند أطراف مخيم اليرموك ومنطقة الحجر الأسود بين القوات النظامية وعناصر اللجان الشعبية التابعة للجبهة الشعبية - القيادة العامة من جهة ومقاتلين من كتائب مقاتلة عدة بينهم فلسطينيون أيضاً». وأسفرت الاشتباكات، وفق المرصد، «عن إحراق آلية ثقيلة للقوات النظامية وسقوط خسائر بشرية في صفوف الطرفين». وكتبت صحيفة الوطن القريبة من السلطة أن «الجيش يتهيأ لعملية عسكرية بمخيم اليرموك» وأن عدداً كبيراً من الجنود تجمع الإثنين استعداداً لعملية عسكرية. وأمس كان الجنود يمنعون المرور عند المدخل الشمالي للمخيم فيما كان حوالى مئة رجل وطفل يستعدون لمغادرة المكان كما أفاد مراسل فرانس برس. وقال فلسطيني من سكان المخيم قدم نفسه باسم أبو السكن لفرانس برس عبر سكايب، إن المقاتلين من الجبهة الشعبية - القيادة العامة انسحبوا إلى ما وراء مواقع الجيش السوري، فيما «انضم فلسطينيون آخرون إلى الثوار». ورأى أن «وضع الجيش الحر الاستراتيجي جيد في المخيم، وأن عناصره دخلوا المخيم من الجهة الجنوبية، وبات في إمكانهم إدخال تعزيزات». وأشار إلى أزمة إنسانية حادة في المخيم الذي يخلو من المستشفيات، و «الطرق فيه باتت غير آمنة». ويشهد معبر المصنع الحدودي مع سورية في شرق لبنان عبوراً كثيفاً لفلسطينيين نازحين من مخيم اليرموك هرباً من العنف. وسينضم هؤلاء إلى حوالى ألفي فلسطيني آخرين دخلوا لبنان خلال الأيام الثلاثة الماضية، وفق تقديرات وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (أنروا) والأمن العام اللبناني. وأشارت الأونروا في بيان إلى تقارير من مصادر مختلفة تشير إلى نزوح عدد كبير من سكان اليرموك إلى أماكن أكثر أمناً في دمشق أو حتى خارج البلاد. وأضافت أنه وفق تقارير عدة «فإن حوالى 50 في المئة من سكان اليرموك» قد نزحوا وأن هذا الرقم قد يكون أعلى، مشيرة إلى أن الكثيرين يلجأون إلى مراكز الأونروا. وكانت السيارات والحافلات تتوقف في ساحة صغيرة أمام مركز الأمن للقيام بالمعاملات قبل متابعة طريقها. في شمال لبنان، ذكر مسؤول لجنة النازحين الفلسطينيين السوريين في مخيمي البداوي والبارد ربيع دامس أن العدد التقريبي للعائلات الفلسطينية التي نزحت على مدى ال48 ساعة الماضية من مخيم اليرموك إلى مخيمي البداوي والبارد يتراوح بين 60 إلى 70 عائلة موزعة على منازل أقارب لها. وأشار دامس إلى أن «أوضاع العائلات سيئة للغاية ومعظمهم اضطروا لمغادرة منازلهم من دون أن يخرجوا أياً من أمتعتهم». وقالت الناطقة باسم الأونروا في لبنان هدى سمرا لفرانس برس إن «اللاجئين الفلسطينيين المقبلين من سورية يتوزعون على أقارب لهم أو يستأجرون أماكن للسكن». وأشارت إلى أن عشرة آلاف فلسطيني كان سبق لهم أن لجأوا إلى لبنان من سورية، وغالبيتهم من مخيم اليرموك. وأوضحت سمرا أن الاونروا «قامت بعد تقدير حاجات هؤلاء باستدراج تبرعات بقيمة ثمانية ملايين و200 ألف دولار من أجل تقديم خدمات صحية وتعليمية وغذائية لهؤلاء، لكن لم يصلها من المبلغ إلا 760 ألفاً». وأشارت إلى أن الوكالة «وضعت عياداتها الطبية في تصرف هؤلاء»، وأنشأت «قاعات صفوف خاصة في مدارسها لأولاد النازحين من سورية»، كما بدأت تقدم «بالتنسيق مع عدد من المنظمات الأهلية وغير الحكومية سلعاً خاصة بفصل الشتاء مثل قسائم لشراء ملابس». وأقرت سمرا بوجود مشاكل عدة مثل النقص في المواد الغذائية وفي بدلات الإيجار. وقالت إن «هناك وعوداً بتمويل قريب لبعض الاحتياجات» معربة عن الأمل بأن يكون في الإمكان من خلالها التعامل مع حاجات النازحين الملحة. ودعت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة إلى تجنيب مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سورية الأحداث الدائرة في هذا البلد، ودانت الفصائل «المجزرة» في مخيم اليرموك. وقالت الفصائل وبينها حركة حماس في بيان تلقته فرانس برس بعد اجتماع طارئ عقدته في غزة، إنها «تدعو جميع القوى الفلسطينية في سورية إلى االالتزام بالموقف الوطني الفلسطيني الذي اتخذته بتجنيب المخيمات الفلسطينية وشعبنا من أن يكون جزءاً من حالة الصراع الداخلي في سورية». كما دعت الفصائل منظمة التحرير الفلسطينية «لتحرك سياسي فاعل على المستويين العربي والدولي لتجنيب المخيمات الفلسطينية تبعات الصراع السوري الداخلي»، داعية المنظمات الدولية «وفي شكل خاص (وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) الأونروا للقيام بدورها الإغاثي والإنساني تجاه أبناء شعبنا» في سورية. وشددت الفصائل على أن الفلسطينيين «ليسوا طرفاً في الصراع السوري الداخلي». وقالت مصادر فلسطينية إن قادة الفصائل يبحثون وجهات نظر مختلفة، مشيرة إلى وجود ثلاثة اتجاهات. الاتجاه الأول تدعمه كل من «فتح» و «الشعبية» و «الديموقراطية» التي رأت ضرورة تجنيب المخيمات الفلسطينية الدخول في الأزمة السورية وضرورة عدم التسلح والاعتماد على الدولة السورية لحماية المخيمات. ومثل الرأي الثاني «الشعبية - القيادة العامة» و «الصاعقة» اللتين اقترحتا تشكيل «لجان شعبية» مسلحة لمنع تقدم «الجيش الحر» وحماية مخيم اليرموك، فيما اقترح «الجهاد الإسلامي» تشكيل لجان شعبية غير مسلحة للدخول بوساطات وتقديم أعمال إنسانية وإغاثية. وأشارت المصادر إلى أن المساعي تتركز حالياً على حماية الوجود الفلسطيني في سورية وحل المشاكل العاجلة وتقديم مساعدات إنسانية للنازحين من المخيم. وفي حماة، انسحبت القوات النظامية السورية من عدد من المراكز والحواجز في ريف حماة الشمالي أمس، وذلك بعد اشتباكات عنيفة مع مجموعات مقاتلة معارضة بدأت قبل 48 ساعة، وفق ما ذكر المرصد السوري. وقال المرصد في بيان بعد ظهر أمس «انسحبت القوات النظامية من الحواجز والمقار في مدن وبلدات وقرى كفرنبودة وحلفايا وحيالين والحماميات وذلك بعد اشتباكات عنيفة مستمرة منذ 48 ساعة». وأشار الى معلومات أولية عن سقوط قتلى في صفوف القوات النظامية إثر استهداف حاجز الغربال في كفرنبودة براجمات الصواريخ قبل الانسحاب منه، وإلى قتل وأسر عناصر حواجز في قريتي حيالين والحماميات، إضافة إلى الاستيلاء على آليات عسكرية ومنطقة حلفايا. وكان المرصد أفاد أول من أمس عن انسحاب القوات النظامية من حواجز الشيخ حديد وباب الطاقة وحصرايا في المنطقة نفسها.