شكل الطلب الحقيقي للمستخدم النهائي لدى السوق العقارية في دول المنطقة أحد أهم عوامل النجاح لحركة التعافي والانتعاش التي شهدها القطاع العقاري منذ أكثر من ثلاث سنوات، كما كانت لهذا الطلب المرتفع أهمية كبيرة في تشجيع القطاع المصرفي وقنوات التمويل المتخصصة على العودة إلى سوق التمويل وفق متطلبات وشروط أكثر مرونة وقابلية من قبل الأفراد. وأورد التقرير الأسبوعي لشركة «المزايا القابضة» أن «لمستوى الأسعار، الذي اقترب كثيراً من السعر العادل للوحدات المعروضة، أهمية في إتمام الصفقات بين أطراف المعادلة العقارية، ونظراً إلى تواصل الطلب من المستخدم النهائي، شهد القطاع العقاري عودة قوية للمشاريع الكبيرة متنوعة الاستخدامات والأهداف، وعادت عجلة المعارض والفعاليات العقارية إلى عهدها السابق وبوتيرة أقرب ما تكون إلى الواقع الفعلي لدى كل دولة ومدينة ومشروع». واعتبر أن «لقنوات التمويل دوراً كبيراً في تلبية الطلب الكبير من الأفراد خلال الفترة الماضية وحتى اللحظة، فيما تشهد السوق العقارية ارتفاع مستوى المنافسة بين قنوات التمويل، ما أدى إلى رفع أسعار الوحدات المستهدفة وخفض التكاليف المصاحبة لعملية التمويل». وأظهرت البيانات المتداولة لدى السوق العقارية الإماراتية انخفاض متوسط أسعار الفائدة على التمويل العقاري إلى أربعة في المئة مع نهاية النصف الأول من السنة مقارنة من متوسط سبعة في المئة، وذلك نتيجة ارتفاع المنافسة بين المصارف وتحسّن مستويات السيولة لديها واستمرار الطلب من قبل المستخدم النهائي الذي يشكل الأفراد النسبة الأعلى منه. وأشار التقرير إلى أن «نسب تكاليف التمويل لدى السوق السعودية تراوح عند المستويات ذاتها في الإمارات، مع تسجيل فارق ملموس على برامج التمويل من المصارف وشركات التمويل المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، لتصل نسب خفض الفائدة على القروض العقارية المقدمة إلى هامش تنافسي يبدأ من 1.7 في المئة، وذلك خلال فعاليات معرض الرياض ال17 للعقارات والتطوير العمراني». ويأتي ذلك في وقت تسعى المصارف إلى تعزيز أعمالها في الأسواق المحلية من خلال طرح عدد كبير من العروض الترويجية بأسعار تنافسية وتسهيلات على آليات التسديد، وبات من المؤكد تراجع أسعار الفائدة في معظم دول المنطقة عند هذا المستوى من المنافسة والنشاط على طلب الوحدات السكنية. ولفت تقرير «المزايا» إلى «ارتفاع حصة الأفراد من إجمالي التمويل الذي تقدمه المصارف في السعودية حتى نهاية النصف الأول من السنة، ما يعكس قوة النشاط والطلب على رغم حزمة الخطط الإستراتيجية التي تنفذها الجهات الرسمية، والتي ستلبي نسبة كبيرة من الطلب المحلي الحقيقي وتساهم في تخفيف الضغط على السوق العقارية والأسعار السائدة». وأظهرت البيانات الصادرة عن «مؤسسة النقد السعودي» ارتفاع حجم التمويل العقاري للأفراد إلى 84.3 بليون ريال (24.3 بليون دولار) حتى نهاية النصف الأول من السنة، أي ما نسبته 32 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي، كما ارتفعت القروض العقارية الممنوحة للأفراد 20 في المئة منذ بداية السنة بعدما كانت تراوح عند 70.3 بليون ريال. وتطرق التقرير إلى «السوق العقارية الأردنية، حيث أظهرت البيانات المتداولة استمرار الحراك ووتيرة الطلب، إذ إن نسبة الأردنيين الذي يمتلكون مسكناً خاصاً تجاوزت 70 في المئة نهاية عام 2013، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بدول أخرى». وأظهر تقرير صادر عن «البنك المركزي الأردني» أن نسبة التسهيلات العقارية بلغت 35 في المئة من إجمالي التسهيلات الممنوحة من قبل الجهاز المصرفي، في حين بلغ إجمالي القروض الممنوحة للقطاع العقاري، سواء كانت لأغراض سكنية أم تجارية، إلى 5.5 بليون دولار، أي 20 في المئة من إجمالي القروض الممنوحة وبارتفاع بلغ 7.5 في المئة مقارنة بنهاية عام 2012. وبلغت نسبة القروض العقارية السكنية الممنوحة للأفراد 67.5 في المئة، أي 3.7 بليون، بنمو نسبته 12 في المئة، فيما شكلت القروض العقارية لغايات تجارية 32.5 في المئة من الإجمالي. وشكك تقرير «المزايا» في «وجود رابحين في السوق العقارية عند هذا المستوى من المنافسة والتسارع، سواء على مستوى الخدمات المقدمة أو على مستوى خفض أسعار كلف التمويل العقاري وحجم التمويلات المقدمة إذا ما تجاوزت حدود الطلب الحقيقي من قبل المستخدمين النهائيين». وأضاف أن «اتساع شرائح المستثمرين لتتجاوز شرائح الباحثين عن امتلاك الوحدات السكنية يمثل أهم مؤشرات التراجع وارتفاع الأخطار لدى السوق العقارية في المنطقة، ولكن في المقابل تستحوذ أنظمة الرهن العقاري المعمول بها لدى دول المنطقة على أهمية متزايدة للإبقاء على حالة الاستقرار والنمو حتى اللحظة، في ظل توقعات باستمرار حالة الانتعاش في قطاع التمويل العقاري وزيادة معدلات منح القروض العقارية للأفراد. وتوقع التقرير أن يكون الجهاز المصرفي أخذ العبرة من الأزمة المالية ويعمل ضمن حدود الإقراض الآمن والمدروس على مستوى الأخطار الحالية والمتوقعة، معولاً على استمرار نمو المعروض من الوحدات السكنية لدى دول المنطقة، إذ إنه أحد أهم عوامل الخروج من الأزمات واستمرار الارتفاعات على أسعار المبايعات والعقود ويحول دون تسجيل قفزات سعرية غير مبررة ومضاربات معلنة وغير معلنة. ولفت إلى أن «السوق العقارية القطرية ستشهد ارتفاعاً في المعروض من الوحدات السكنية تصل إلى 25 ألف وحدة سكنية، فيما يتوقع أن تستكمل إمارة دبي تشييد 47 ألف وحدة سكنية خلال السنوات الثلاثة المقبلة ليصل الإجمالي إلى حدود 400 ألف وحدة نهاية عام 2016.