اتفق عدد من الاقتصاديين السعوديين وخبراء العقار على أن منظومة «الرهن العقاري» السعودية لن تتأثر بهبوط أسعار العقار مع قرب ضخ وزارة الإسكان لعدد من الأراضي السكنية للمواطنين. يأتي ذلك مع اقتراب توزيع أراضٍ سكنية للمواطنين بناء على توارد أنباء صحافية عن تسليم وزارة الشؤون البلدية والقروية لوزارة الإسكان 500 مليون مترمربع في مختلف مناطق السعودية بعد تشكيل اللجنة التنسيقية بين الوزارتين، ما دفع بالسوق العقارية السعودية إلى حال من الركود النسبي والترقب، إضافة إلى توقعات بإعادة نظر المصارف السعودية على تقييمات الرهن العقاري الذي قدمت بناء عليه تسهيلات مصرفية لعدد من المقترضين. وتعليقاً على ذلك، قال المستشار الاقتصادي فادي العجاجي ل«الحياة» إن السوق العقارية السعودية في الوقت الراهن تشهد حالاً من الركود النسبي والترقب للقرارات الحكومية المنظمة لقطاع الإسكان لاسيما قرار الحكومة بإنشاء 500 ألف وحدة سكنية بكلفة إجمالية 250 بليون ريال. وأكد أن ظهور الحركات التصحيحية في السوق العقارية ستكون ذات أثر محدود في القطاع المصرفي السعودي لأسباب عدة أبرزها أن القروض المصرفية العقارية لم تتجاوز 38 بليون ريال في نهاية الربع الأول من العام الحالي، في حين تجاوز إجمالي الائتمان المصرفي 1.39,7 تيريليون ريال، أي أن القروض المصرفية العقارية تشكل فقط نسبة 3,7 في المئة من إجمالي التمويل المصرفي، وهذه نسبة متدنية قياساً بمعظم دول العالم. وأشار العجاجي إلى أن القروض المصرفية الموجهة لتمويل العقارات السكنية في السعودية منخفضة جداً مقارنة بالقروض الموجهة لتمويل العقارات التجارية، مستشهداً بتقرير تمويل المنازل والعقارات الصادر عن البنك الدولي 2011 الذي أظهر أن السعودية احتلت المرتبة الأخيرة من بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في نسبة القروض العقارية السكنية إلى القروض العقارية التجارية. وفي ما يتعلق بمخاطر تعثر السداد في القروض المصرفية المضمونة برهن عقاري، أشار العجاجي إلى أن المصارف التجارية السعودية لم تتوسع في منح القروض بضمان العقار نتيجة تأخر صدور المنظومة المالية «أنظمة التمويل والتأجير والرهن العقاري»، وأيضاً غياب صناعة التقييم العقاري التي انطلقت بإنشاء «الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين» في أيار (مايو) 2012. وأكد على أن القطاع المصرفي السعودي يخضع لمؤشرات السلامة المالية الخاصة بالمصارف التي تتلقى ودائع وهي مؤشرات المخاطرة في القطاع المصرفي مثل كفاية رأس المال، وجودة الأصول، والربحية والعائد، والحساسية لمخاطر السوق التي تشمل أسعار العقارات والقروض العقارية إلى إجمالي القروض، مضيفاً أن مؤشرات القروض العقارية تقيس جودة الأصول ودرجة انكشاف القطاع المصرفي للقروض العقارية السكنية والتجارية. وقال العجاجي إن القروض المصرفية قبل إقرار «نظام الرهن العقاري المسجل» تخضع لمقاييس دقيقة لدرجة المخاطرة، وأن تقديم العقارات ضماناً للقروض يقتصر فقط على ما يسمى ب«رهن الحيازة»، أي حيازة الصك العقار إجراءً احترازياً من المصرف لتقليل مخاطر التعثر في السداد. واختتم العجاجي حديثه بالتأكيد على أن حجم قطاع التمويل العقاري في السعودية لا يزال محدوداً جداً قياساً بحجم الاقتصاد على المستوى الكلي، مما يقلل احتمال انكشاف القطاع المصرفي لمخاطر السوق العقارية، فقطاع التمويل العقاري في السعودية يمثل فقط 1,4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. من جهته، لفت رئيس لجنة التثمين العقاري في «غرفة تجارة جدة» عبدالله الأحمري إلى أن المصارف لديها تحوّط لظروف هبوط أسعار العقارات، وذلك باستنادها على دراسات الجدوى وأن يكون صاحب القرض يدفع ما يقرب على 30 في المئة من سعر العقار، وخطي المخاطر وتأمين المصرف على القرض، وأضاف: «لا أتمنى من واقع معرفة أن يكون هناك إفراط في إقراض الأفراد قروضاً عقارية، كون أن الأخيرة كانت سبباً في انهيار الاقتصاد الأميركي الأمر الذي أحدث مشكلة كبيرة لديهم وأتوقع أننا أخذنا درساً يكفينا في هذا المجال». وأشار الأحمري إلى وجوب إشراف المصارف على التمويلات العقارية وأن تكون من الوحدات ذات الجودة العالية وقصر القروض على المطورين العقاريين، كونهم قادرين على ضخ وحدات سكنية للسوق في متناول أيدي الجميع، بعيداً عن مغالاة الأسعار، شريطة أن تكون أسعار الوحدات السكنية مدروسة، الأمر الذي يدفع الكثير للشراء وعدم التردد في ذلك.