رحّب المغرب بزيارة الدولة التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للرباط مطلع العام المقبل. وأفاد بيان البلاط أن العاهل المغربي الملك محمد السادس أجرى اتصالاً هاتفياً والرئيس هولاند عرض إلى الشراكة المتميزة بين البلدين الصديقين، وكذلك انشغالهما العميق إزاء تدهور الوضع في منطقة الساحل، بخاصة في مالي التي تعرف تمرداً انفصالياً في الشمال.وأوضح البيان أن «من دون رد فعل جماعي حازم ومنظّم لحل الأزمة الحادة في مالي، فإنها ستمتد لا محالة إلى بلدان المنطقة» كافة. وأكد المغرب وفرنسا، بهذا الصدد، أن قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2071 «شجع على الحوار والمفاوضات مع المجموعات المسلحة غير الإرهابية» كونها تتشكل من ماليين فقط، غير أنه أفسح في المجال أمام تدخل عسكري لمجموعة دول غرب افريقيا إلى جانب قوات مالي لمعاودة بسط السلطة واسترداد الوحدة. ورأى قائدا البلدين أن نشاط الجماعات الإرهابية «يتجاوز بشكل كبير دولة مالي». إلى ذلك، أبرق العاهل المغربي إلى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز في مناسبة ذكرى استقلال بلاده، متمنياً له موفور الصحة والعافية. وشدد على متانة العلاقات بين الرباط ونواكشوط، ومدى الإسهام في توطيد صرح الاتحاد المغاربي «كتكتل فاعل في محيطه الإقليمي والدولي». على صعيد آخر، ارتدى الصراع بين مترشحين لقيادة الاتحاد الاشتراكي المعارض قبل حوالى أسبوعين على التئام مؤتمره التاسع، أبعاداً فكرية وسياسية، وشرع كل مرشح في عرض تصوراته لأفق العمل الحزبي والسياسي. وقال القيادي فتح الله ولعلو وزير المال والاقتصاد السابق إن حزبه يتحمل مسؤوليته في المعارضة ضد توجه محافظ «يهيمن داخل الحكومة، ويسعى إلى تعزيز موقعه داخل الدولة والمجتمع». كما انتقد ما وصفه ب «شيوع ثقافة الانتهازية داخل النسيج الاجتماعي». وأوضح في مشروعه الذي سيعرضه أمام المؤتمر، أن هذه الثقافة «لن تؤدي إلا إلى انحراف العمل السياسي وميوعته». وعرض ولعلو إلى تطورات الأوضاع السياسية في البلاد، واندلاع الحراك الاجتماعي، واصفاً «حركة 20 فبراير» الاحتجاجية بأنها «وجه مشرق» يشكّل امتداداً للنضال من أجل دمقرطة البنيات السياسية وتحقيق مطالب الإصلاح الدستوري. ورأى أن ذلك لم يحل دون رسوخ البنيات التقليدية، كما هو حال كل المنطقة، «ما أدى إلى انتشار جديد ويتجدد لمظاهر استغلال المرجعية الدينية واقتناص الربيع العربي السياسي والاقتصادي» على حساب ثقافة المشروع التحرري والمطلب الديموقراطي. واعترف القيادي الاشتراكي بصعوبة مهمته، قائلاً إن الأمر لن يكون سهلاً ميسّراً «فالظرفية صعبة والتحديات كبيرة» أكان ذلك على الصعيد الإقليمي أو الدولي أو المحلي. وخلص إلى القول إن مصلحة البلاد يجب أن تكون فوق مصلحة الحزب، ومصلحة الحزب فوق مصلحة الأفراد. من جهة أخرى، صرّح النائب إدريس لشكر المرشح بدوره لزعامة الاتحاد الاشتراكي، بأن مشروعه يتوخى تطوير المنظومة السياسية في البلاد، وفي مقدمها تكريس «الملكية البرلمانية». وأوضح في مؤتمر صحافي أن الملكية العصرية «أنجع وأجود لبلادنا» من ملكية تقليدية «تستند إلى العادات القديمة». ورأى المرشح الذي ينافس أربعة قياديين آخرين، هم فتح الله ولعلو والحبيب المالكي وأحمد الزايدي ومحمد الطالبي، أن الاتحاد الاشتراكي بعد مؤتمره التاسع «يجب أن يكون قوياً وجريئاً وشجاعاً في قراراته ومواقفه»، موضحاً أن المهمة تتطلب طول النفس وأن موازين القوى «لن تتغير بين عشية وضحاها»، أما الذين يبحثون عن المردودية السريعة فإنهم «أخطأوا التوقيت». ووجه كلامه للغالبية الحكومية التي يقودها زعيم «العدالة والتنمية» عبدالإله بن كيران، قائلاً: «يجب أن تعرف، كما كل الديموقراطيات، أنها (الغالبية) لا تلغي ثوابت المجتمع» بل هي غالبية تدبير «أما السلطة فقد حددها الإطار المؤسساتي» وينبغي أن تلعب «دورها كاملاً» بما يضمن عدم حدوث تجاوزات إزاء أوضاع الحريات والحقوق الأساسية ومبدأ المساواة، أو إعاقة استقلالية القضاء. وحدد المسؤول الحزبي، الذي بدأ واثقاً من حيازته ثقة المؤتمر، الخطوط العريضة لمشروعه في انبثاق الاشتراكية الديموقراطية، والنهضة المغربية المنفتحة على العالم، وتطوير المنظومة السياسية للبلاد. بيد أنه انتقد بعض الممارسات داخل حزبه، وقال إن الاتحاد الاشتراكي «ليس حكراً على أصحاب ربطات العنق» بل هو ملك مناضليه الذين «أنقذوا الوطن في أحلك الظروف وأصعب الأزمات»، على حد تعبيره. ودعا إلى انتخاب قيادة حزبية «لا تخشى قول الحق» ولا تكون متهورة ولا هادئة.