حذر رئيس الحكومة المغربية عباس الفاسي من «مخاطر تهدد الانتخابات» البرلمانية المقبلة في البلاد، وانتقد ما وصفه ب «محاولات العودة بالبلاد إلى الوراء»، لافتاً الى أن الاستحقاقات الاشتراعية المقبلة تشكل امتحاناً لتنفيذ مقتضيات الدستور الجديد الذي قطع أشواطاً متقدمة على طريق البناء الديموقراطي. وعرض الفاسي، أمام اللجنة المركزية لحزب «الاستقلال» الذي يرأسه، أول من أمس، إلى طبيعة المخاطر، من دون أن يشير صراحة إلى التحالفات الحزبية الناشئة وآخرها ما يعرف ب «التحالف من أجل الديموقراطية» الذي ضم ثمانية أحزاب، مؤكداً أن حزبه «لا يهمه أن يجتمع من يريد أو يتفرق من يريد». وانتقد بشدة لجوء بعض مكونات الائتلاف الحكومي الذي يتزعمه إلى الاصطفاف في المعارضة، مشيراً الى ان «الأعراف والأخلاق والمروءة قيم لا يمكن أن تقبل بأن يكون البعض ينتمي إلى الغالبية النيابية والسياسية التي تتشكل منها حكومة ما زالت تمارس عملها (...) فيما يهرول البعض إلى التنسيق مع المعارضة». واتهم رئيس الحكومة هذا السلوك بأنه يكرس العزوف عن الإقبال على صناديق الاقتراع ويضرب صدقية العمل السياسي في العمق، كما أنه يجر البلاد إلى الماضي. وشدد على التزام حزبه المضي قدماً في مسلسل الإصلاحات، مؤكداً أن العاهل المغربي الملك محمد السادس هو «الضامن الوحيد لانتخابات حرة ونزيهة وذات صدقية». الى ذلك، صرح عبدالواحد الراضي، رئيس مجلس النواب زعيم «الاتحاد الاشتراكي» المتحالف مع «الاستقلال والتقدم والاشتراكية» في «الكتلة الديموقراطية» أنه على رغم بلورة معالم إرادة سياسية في الإصلاح «إلا اننا ما زلنا نواجه مقاومات شديدة للإصلاحات على صعد عدة» وكشف أن النقاشات السياسية التي طاولت القوانين المنظمة للانتخابات أظهرت أن «البعض لا يزال متشبثاً بثقافة محافظة ترتكز على مقاومات شديدة لكل ما هو حداثي». واعتبر مراقبون صدور تصريحات عن أبرز قياديي «الاستقلال والاتحاد الاشتراكي مؤشراً الى حال من التململ والتذمر إزاء ما يعتبره الحزبان تراجعاً في المسار الديموقراطي عشية الانتخابات الاشتراعية المتوقعة في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وأبدت المصادر استغرابها إزاء غياب الانسجام الحكومي في عرض القوانين المنظمة لهذا الاستحقاق الانتخابي، إذ «كيف يمكن لحكومة واحدة أن تقر نفس القوانين ثم تعرضها على البرلمان وتقدم اقتراحات لتعديلها» إن لم يكن الأمر يتجاوز الجهاز التنفيذي أو يعكس في أقل تقدير غياب التضامن الحكومي. ورأت المصادر ان حكومة الفاسي، وهي تعيش الرمق الأخير في ولايتها المنتهية في ضوء قرار تنظيم انتخابات مبكرة، باتت تواجه المزيد من الاضطراب والتفكك، خصوصاً مع لجوء بعض مكوناتها مثل «تجمع الأحرار» و «الحركة الشعبية» الى فك ارتباطهما بمسار الغالبية. وشكل الجدل حول مشروع الموازنة التي تعكس التوجهات الحكومية أبرز نقاط الخلاف، إذ اعتبر صلاح الدين مزوار وزير المال رئيس «تجمع الأحرار» أن موعد الاستحقاقات الانتخابية يحول دون قيامه بحملة تعبئة لمناصري حزبه، لأن ذلك سيتزامن ومناقشته مشروع الموازنة أمام البرلمان.