دخل الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي أمس، على خط النزاع بين رأسي حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» (اليمين المعارض) الذي دخل أسبوعه الثاني وتفاقم إلى حد أنه بات يوصف «بعملية انتحار» حزبية. وبدا تدخل ساركوزي الذي كان انسحب من الحياة العامة اثر خسارته للانتخابات الرئاسية في الربيع الماضي، بمثابة الفرصة الأخيرة التي قد تنقذ الحزب من الانفجار نتيجة الخلاف الذي برز بين المتنافسين على رئاسته وهما رئيس الحكومة السابق فرانسوا فيون والأمين العام للحزب جان فرانسوا كوبيه. يأتي ذلك بعدما رافقت الانتخابات الداخلية التي شهدها الحزب في 18 الشهر الجاري، اتهامات متبادلة بالتزوير كما أدت نتائجها إلى تقارب في أصوات كلا المرشحين مما جعل كل منهما يعتبر نفسه فائزاً. كما أظهرت هذه الانتخابات تناقضاً حاداً بين التيارين اللذين يتزعمهما كل من فيون وكوبيه مما يجعل التوفيق بينهما شبه متعذر، وهو ما بدا واضحاً من خلال التصلب الذي حكم مواقف كل منهما على مدى الأسبوع الماضي. وبلغت الأمور حداً من التدهور جعل رئيس الحكومة السابق الآن جوبيه يحذر من أن بقاء الحزب واستمراره في لعب دور المعارضة بات على المحك واقترح القيام بوساطة للمساعدة على تقريب وجهات النظر وتهدئة النزاع. واقترح جوبيه الذي التزم الحياد في إطار معركة رئاسة الحزب ولم يؤيد أي من المرشحين، عقد اجتماع مع كليهما وتشكيل لجنة مستقلة تعيد فرز الأصوات الانتخابية. لكن هذا الاجتماع ما كاد ينعقد مساء أول من أمس في مقر البرلمان الفرنسي، حتى انفرط فأصدر جوبيه بياناً أكد فيه أن مهمته انتهت بعد أن تبينت له استحالة توصلها إلى نتائج. وكان كوبيه استبق الاجتماع مع جوبيه بدعوة لجنة الطعون الحزبية للانعقاد والتدقيق مجدداً بنتائج الانتخابات على رغم تشكيك فيون بحياد هذه اللجنة الحزبية، ما جعله يحمل منافسه المسؤولية عن فشل وساطة جوبيه. تلويح باللجوء الى القضاء ورد فيون الذي كان لوح باللجوء إلى القضاء على تصرف منافسه بوضع اليد على النتائج الانتخابية بانتظار التوصل إلى مخرج للأزمة القاتلة، فيما ارتفعت أصوات منها صوت جوبيه لتطالب ساركوزي بالعدول عن تنحيه الموقت عن الحياة السياسية والعمل على إنقاذ حزبه. وعلم أن ساركوزي التقى فيون حول مأدبة غداء كما أجرى اتصالاً هاتفياً بكوبيه من دون أن يعرف شيء عما دار خلالهما، لكن وزير الداخلية السابق كلود غيان المقرب من ساركوزي أشار إلى احتمال أن يصدر الرئيس السابق بياناً يدعو إلى وقف النزاع لكنه لن يغوص شخصياً في تفاصيله. وكان الموقف من ساركوزي اعتبر من أبرز نقاط التباين بين كوبيه الذي طرح نفسه على أنه الضامن لاستمرارية الطروحات التي اعتمدها ساركوزي خلال حملته الانتخابية الأخيرة، في حين أصر فيون على تمييز نفسه عن هذه الحملة التي تتسم بانحراف يميني مبالغ. ويبدو من الصعب التكهن بما يمكن أن يقدم عليه ساركوزي لإعادة اللحمة إلى حزب يعاني من تفكك داخلي أكيد وهو ما أشار إليه جوبيه في حديث إلى إذاعة «ارتي أل» بقوله إن ساركوزي هو «الوحيد اليوم الذي يمتلك سلطة كافية تسمح له باقتراح مخرج لا أراه». ومن شأن تفكك حزب «الاتحاد» أن يترك انعكاسات كبيرة على صعيد وزن وموقع القوى السياسية المختلف وعلى التوازن الذي يحكم العلاقات بين هذه القوى.