حسم جان فرانسوا كوبيه لصالحه معركة رئاسة حزب «الاتحاد من اجل حركة شعبية» (اليمين المعارض في فرنسا) بفارق 98 صوتاً جعلته يتقدم على منافسه على رئاسة الحزب رئيس الحكومة السابق فرنسوا فيون. هذه النتيجة الهزيلة أظهرت أن الحزب الذي حكم فرنسا على مدى السنوات ال17 الماضية، بات يعاني من شرخ أيديولوجي حاد تترتب عليه نتائج بالغة الخطورة قد تهدد بقاءه. فالتناحر الحاد الذي اتسمت به الحملة الانتخابية واللغط والإبهام اللذين واكبا الانتخابات الداخلية التي شهدها الحزب يوم الأحد الماضي، وتسببا في تأخر صدور النتائج حتى ليل الإثنين–الثلثاء، كلها أمور كشفت الحال المرضية التي يعيشها الحزب. وترتبت على ذلك تكهنات وتساؤلات حول مستقبل حزب الاتحاد واحتمال تفجره من الداخل، نظراً إلى عمق أزمة الهوية القائمة في صفوفه وعكستها نتيجة الانتخابات التي توزعت بشبه تساوي بين طرحين متناقضين. وركز كوبيه على مجموعة شعارات تعطي وجهاً جديداً لليمين، لا يخشى البوح بما يراود بعض الفرنسيين، خصوصاً في ما يتعلق بالهجرة والانفتاح على اليمين المتطرف مع الإصرار على الوفاء للرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي خاض حملته الانتخابية الخاسرة في الربيع الماضي على أساس توجه مماثل. في المقابل، اعتبر فيون الذي تولى رئاسة الحكومة الفرنسية طيلة سنوات حكم ساركوزي الخمسة، أن المطلوب إعادة تصويب النهج الذي مال باتجاهه اليمين والعودة به إلى قيمه التقليدية وهي قيم الانفتاح على القوى الوسطية والتمايز عن المواقف التي اعتمدها ساركوزي وتسببت بهزيمته. والمفترض أن يتولى كوبيه بصفته رئيساً للحزب مهمة التوفيق بين هذين التيارين المتناقضين لتمكين الحزب من لعب دور المعارض الفعال في وجه الحكم الاشتراكي. وفي تصريح أدلى به عقب إعلان لجنة مراقبة الانتخابات عن فوزه، دعا كوبيه منافسه فيون للانضمام اليه والعمل إلى جانبه، كما اقترح لاحقاً استحداث منصب نائب رئيس وإسناده إلى رئيس الحكومة السابق. لكن أوساط فيون علقت على هذا الاقتراح سلباً ووصفته بأنه «سخيف» بعد أن كان المرشح الخاسر علق على نتيجة الانتخابات بالقول إنه يعتزم العمل على «تقليص» و «تجاوز» الشرخ الذي برز في صفوف الحزب، وإنه سيكشف في الأيام المقبلة عن طبيعة عمله السياسي في الفترة المقبلة. وبذلك أكد فيون أن الأزمة الحزبية أخطر وأكبر من أن يتم تجاوزها بمجرد الكلام عن إعادة توحيد الجهود وتولي منصب بارز في قيادة الحزب إلى جانب كوبيه، الذي رغم فوزه برئاسة الحزب يبدو مكبلاً على صعيد خياراته الداخلية. وكوبيه اليوم مسيطر على نصف حزبه ويتوجب عليه بذل مجهود كبير لحمل النصف الآخر على التعاون معه ودعم خياراته، ما يتطلب وقتاً ويشكل عنصراً يحمل على الارتياح في صفوف الحكم الاشتراكي.