قبل ستة ايام من الجولة الحاسمة لانتخابات الرئاسة الفرنسية التي ستحدد مصير من يتربع على عرش الإليزيه لمدة خمس سنوات يوم الأحد المقبل، اشتدت الحملة الانتخابية بين المرشحين المتنافسين: الرئيس نيكولا ساركوزي ومرشح الحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند الذي بينت كل استطلاعات الرأي انه يتقدم بفارق 9 الى عشر نقاط مئوية. وعقد كلا المرشحين مهرجانات انتخابية ضخمة امس، تبادلا خلالها الهجمات. وحضر هولاند مهرجاناً ضخماً في باريس بيرسي فيما اقيم مهرجان ساركوزي في تولوز. ونظم انصار ساركوزي اجتماعات في مناطق مختلفة شارك فيها رئيس الحكومة فرانسوا فيون ووزير الخارجية آلان جوبيه ورئيس الحزب اليميني الحاكم جان فرانسوا كوبيه. وأثيرت في حملات الاشتراكيين قضايا وفضائح تحاول النيل من ساركوزي. ونشرت صحيفة «الغارديان» مقابلة للرئيس السابق لصندوق النقد الدولي الاشتراكي دومينيك شتروس كان، مشيرة الى ان البعض في فرنسا «ذهب بعيداً في إيقاعه في فخ» في قضية الاعتداء على نفيسة ديالو في نيويورك. وشن ساركوزي هجوماً على هولاند، قائلاً ان لا يمكن ان يكون هولاند يجهل كل ممارسات شتروس كان الاشتراكي الذي كان المفضل في الحزب للترشح للرئاسة لولا فضائحه الجنسية. ثم نفى شتروس كان ان يكون أدلى بحديث إلى «الغارديان» ونفت اوساطه ان يكون اعطى اي مقابلة. اما موقع «ميديابارت» المعروف بانحيازه لهولاند فنشر وثيقة ليبية تدعي ان معمر القذافي قدم تعهداً بتقديم 50 مليون يورو لتمويل حملة ساركوزي في 2007. وطالب هولاند بتوضيح هذه الأمور. وهذه القضايا لن تغير شيئاً في نتائج الحملة سوى انها تظهر الحدة بين المرشحين اللذين يتوقع ان يتنافسا في مناظرة تلفزيونية مساء الأربعاء المقبل. وهذه المناظرة التقليدية التي تعرض قبل الانتخاب الرئاسي بأيام قليلة، قلما غيرت النتائج المحتملة في تاريخ المناظرات الرئاسية. ويذكر ان هذه المناظرة تقليد تجاهله الرئيس السابق جاك شيراك عندما رفض المناظرة مع جان ماري لوبن رئيس الجبهة الوطنية والد مارين في 2002 عندما وصل لوبن الى منافسته في الجولة الثانية. وأفادت استطلاعات الرأي ان وسائل الإعلام الفرنسية هذه المرة لن تغيّر في رأي الناخبين ايضاً لأن انصار المرشحين سينظرون اليها كل من منظوره. وينظم ساركوزي تظاهرة كبرى في «تروكاديرو» في باريس في عيد العمال الثلثاء المقبل. وقال ساركوزي ان التظاهرة ستتحول عيداً فعلياً، قائلاً انها ستكون حفلة ضخمة للعمل. أصوات اليمين المتطرف ويحاول ساركوزي منذ حصول مارين لوبن على 18 في المئة من الأصوات تعبئة واستدراج اصوات اليمين المتطرف اليه. الا ان لوبن اكدت مراراً ومجدداً امس، انها لن تعطي توجيهاً لناخبيها ليصوتوا لأحد وهي مستمرة في شنها حملات على ساركوزي لأنها تطمح الى خسارته في الانتخابات الرئاسية كي ينفجر اليمين المعتدل في فرنسا وتأخذ قيادة المعارضة اليمينية في وجه هولاند اذا اصبح رئيساً وبعد الانتخابات الاشتراعية. ويحاول ساركوزي جذب ناخبي اليمين بقوله انه لا يمكن تجاهل ستة مليون ناخب صوتوا للوبن، ويتوقع ان تكون هناك تعبئة كبرى للتصويت. اما زعيم الوسط فرانسوا بايرو الذي حصل على نسبة ضعيفة في الجولة الأولى (نحو 9 في المئة من الأصوات) فهو ينتقد محاولة ساركوزي جذب اصوات اليمين المتطرف بتوجيه حملته الى اليمين المتطرف، مما يجعل غالبية التوقعات حتى في اوساط ساركوزي نفسه، ترى انه يحتاج الى معجزة لكي يفوز لولاية اخرى. والمعجزة حسب هذه الأوساط هي ان تجيّر له 72 في المئة من اصوات لوبن وأكثرية اصوات بايرو على ان يحصل على عدد كبير من اصوات المترددين الذين هم بنسبة 20 في المئة وهذا حسب هذه الأوساط صعب جداً ومستبعد. هولاند مطمئن ويبدو هولاند مطمئناً الى انه سيكون الرئيس المقبل مما يجعله هادئاً ومرتاحاً في حملته لحسابات التجيير لأصوات اليسار مع تقدمه في الجولة الأولى بنقطة ونصف نقطة وحصوله على بعض اصوات عمال حزب لوبن ووسط بايرو. حتى ان التكهنات اصبحت في الأوساط الإعلامية الآن حول من يتولى المناصب الوزارية المختلفة ومن يكون رئيس حكومة هولاند. وحتى المسؤولين في الاتحاد الأوروبي بدأوا مسايرة توجهات هولاند. وأبدت المستشارة الألمانية انغيلا مركل بعض الليونة حيال اقتراح مساعدة البنك الأوروبي للنمو في الدول الأوروبية وهو ما اقترحه هولاند. والسفير البريطاني في فرنسا التقى رئيس الحكومة الاشتراكي السابق لوران فابيوس وهو من بين المرشحين لوزارة الخارجية في حال فاز هولاند. وحتى ساركوزي خلال زيارة قام بها إلى صحيفة «ليكيب» الرياضية قال ان كل بطل رياضة ممكن ان يخسر ويخلفه آخر فهذا ايضاً في السياسة وفي الحياة المهنية. وأضاف مخاطباً الصحافي الذي سأله: «ألا تعتقد ان أحداً آخر سيخلفك يوماً؟».