قرر المعنيون بتوزيع النفقات الاستثمارية الحكومية العراقية المقررة في الموازنة الفيديرالية لعام 2013 وفي خطوة غير مسبوقة، تخصيص ربع الموازنة لقطاع الطاقة، بما فيه النفط والغاز والكهرباء، وخفض الإنفاق الحكومي لباقي القطاعات والذي بلغ صفراً في قطاع الإدارة العامة المركزية. وزوّد مصدر مسؤول في وزارة التخطيط «الحياة» بجدول توزيع الإنفاق الحكومي الكلي، واصفاً الخطة ب «الجامحة»، مقارنة بتوزيعات السنوات الماضية. وفي حال أقرّ مجلس النواب مشروع قانون الموازنة الفيديرالية لعام 2013 بصيغته الحالية المرفوعة من الحكومة، فستكون هذه الموازنة الأعلى في تاريخ العراق بقيمة كلية تتجاوز 138 تريليون دينار (112 بليون دولار). وأظهر الجدول الخاص بتوزيع النفقات وفق القطاعات أن أكبر إنفاق ذهب إلى قطاع الطاقة، ويشمل توسيع الاستثمار والإنتاج في قطاع النفط وزيادة استحداث محطات توليد كهرباء للقضاء على مشكلة العجز التي تعانيها البلاد منذ بداية التسعينات، وبلغت التخصيصات 29.45 تريليون دينار (24 بليون دولار)، لتتجاوز القيمة المخصصة لهذه السنة بأكثر من 10 تريليون دينار، وبنمو نسبته 21.3 في المئة. وجاء قطاع الأمن والدفاع في المرتبة الثانية لجهة حجم التخصيصات ب19.70 بليون دينار أي أكثر من المخصّص لهذه السنة بتريليوني دينار وبنسبة نمو تجاوزت 14.2 في المئة، في حين احتلت الخدمات الاجتماعية المركز الثالث ب17,8 تريليون دينار وبنمو نسبته 12.8 في المئة، يليها إقليم كردستان بحصة بلغت 14.4 تريليون دينار وبنمو نسبته 10.4 في المئة. ورأت عضو اللجنة الاقتصادية والاستثمار نورة سالم البجاري أن «زيادة الإنفاق الحكومي لقطاع الطاقة ترافقت مع كثير من التحفظات خشية استغلالها في مشاريع تشوبها عمليات فساد مالي وإداري وتكون نتائجها سوء استغلال للخطط المرجوة منها». وأكدت ل «الحياة» أن «موافقة اللجان على الإبقاء على الخطة الحالية لتوزيع النفقات سببها إيمان جميع ممثلي الشعب في البرلمان بوضع حد لمعاناة العراقيين في ما يتعلق بالطاقة الكهربائية، فمن المعيب على بلد يتمتع بقدرات كبيرة أن يبقى مستورداً للطاقة من دول الجوار». ولفتت البجاري إلى أن «السبب الآخر لزيادة حصة الطاقة هو التوسع بإنتاج النفط لتحقيق واردات أعلى يمكن استغلالها لإعادة بناء الدولة وكل قطاعاتها، وكل هذه الخطط مرهونة بمدى نزاهة المعنيين باستثمار هذه الأموال». وكان رئيس الوزراء نوري المالكي أكد خلال افتتاحه إحدى محطات توليد الطاقة في محافظة بابل قبل أربعة أيام، أن «وزارة الكهرباء تعمل على افتتاح محطات في مناطق كثيرة بهدف الوصول إلى إنتاج يسد حاجة البلاد بحجم 14 ألف ميغاواط»، واعداً بأن تتمكن وزارة الكهرباء من تحقيق الاكتفاء نهاية عام 2013 بعد افتتاح محطات قيد الإنشاء حالياً. وأشار عضو لجنة النزاهة النيابية عثمان الجحيشي في تصريح إلى «الحياة» إلى أن «ظاهرة الفساد وصلت إلى مراحل ومستويات خطيرة ومعيبة وفاضحة أمام الرأي العام المحلي والدولي، وأصبحت تهدد مستقبل البلاد والشعب ومصيرهما، وعلى الجهات المعنية بمكافحة الفساد البدء بخطة شاملة تبدأ من قمة الهرم». أما خبير الاقتصاد عماد العبود فبيّن ل «الحياة» أن «خطة توزيع النفقات الحكومية هو ما كنا ندعو إليه منذ عام 2004، فخلال كل هذه السنوات لم نستفد مما يسمى بالموازنات الانفجارية التي تخبطت بالتوزيع في شكل غير مدروس»، لافتاً إلى أن «على المشرِّعين تركيز النفقات، ويجب أن تُخصّص كل موازنة لمعالجة مشكلة اقتصادية مشخصة، أما الاعتماد على الحلول الجزئية فسيجرنا إلى مشكلات أكبر من الحالية».