تشير توقعات الاقتصادات العالمية للربع الأخير من السنة ولعام 2013، إلى بقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة، ما يتوافق مع فرضيات الحكومات الخليجية ويبقي موازناتها في جانب الوفر بدلاً من العجز. كما تدلّ المؤشرات الكلية للاقتصاد العالمي، في ظل تباطؤ المصادر البديلة، ومنها المصادر الجديدة للنفط الخام، على استمرار الطلب العالمي مرتفعاً. واعتبرت شركة «المزايا القابضة» في تقرير أسبوعي، أن «المخاوف من انخفاض أسعار النفط في شكل حاد، سيكون لها أثر واضح على الإنفاق الخليجي على مشاريع البنية التحتية والعقارات والقطاعات الحيوية، مثل التعليم والرعاية الصحية والمواصلات والنقل والإسكان». لكن استبعدت «سيناريو الانخفاض الحاد على المدى المنظور». ورصدت تداعيات «التحذيرات الدولية من أثر انخفاض النفط على النمو في المنطقة، إذ نبّهت تقارير من خطر التوسع في الإنفاق الحكومي في دول الخليج، تجنباً لانعكاسات سلبية في حال انخفاض أسعار النفط في شكل لافت. ورأت أن ذلك «سيؤدي إلى عجز في الموازنات والموازين التجارية في شكل كبير، نتيجة الالتزامات الضخمة التي تعهدت بها الدول الخليجية في خططها التنموية للسنوات المقبلة». وكان صندوق النقد الدولي حذّر من تداعيات انخفاض أسعار النفط إلى 30 دولاراً، ما يشكل خطراً داهماً على الإيرادات الحكومية التي تموّل معظم الإنفاق الرأسمالي على القطاعات المولدة للنمو الاقتصادي أو الحافزة له، في ظل ضعف الاقتصادات الكبرى في أوروبا وأميركا. وأشار تقرير «المزايا»، إلى أن سيناريو عودة أسعار النفط إلى مستويات تقل عن 30 دولاراً غير مرتقب في المدى القريب، لاعتبارات تتصل بحجم الإنتاج والنمو العالمي على طلب الطاقة في ظل تباطؤ مصادر الطاقة البديلة». لكن رجح أن «يكون لأي انخفاض ملموس أثر واضح على الإنفاق الحكومي وسيكون الإنفاق الرأسمالي وبنود الإنفاق الجاري، مثل الأجور والإعانات والدعم ونفقات الرفاهية، الخاسر الأكبر من تراجع الإيرادات النفطية، فهي تستقطع في السعودية 40 في المئة من الموازنة، ما سيؤثر في النمو الاقتصادي في القطاعات النفطية ومجالات أخرى في شكل ملحوظ». وفي السياق، أعلن تقرير لشركة «المركز المالي» الكويتي أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في دول مجلس التعاون الخليجي «بلغ 8 في المئة عام 2011 نتيجة ازدياد إنتاج النفط»، مشيراً إلى أن تقديرات صندوق النقد الدولي «تظهر انخفاض هذه النسبة إلى 5.3 في المئة هذه السنة، وتسجيل تراجع إضافي عام 2013 لتبلغ 3.7 في المئة». وتوقع أن «تحقق الموازنات المالية في دول المجلس قفزة هذه السنة مقارنة بعام 2011». واعتبر أن «الخطر الحقيقي يكمن في انخفاض الأسعار العالمية للنفط الخام، ما قد يتسبب بإجهاد الموازنات». وكانت المشاريع الضخمة المعلنة في دول الخليج، في مقدمها السعودية والإمارات وقطر «ساهمت في تعزيز الثقة في الاقتصاد الخليجي عموماً والاقتصادات الفردية». وعلى رغم ذلك، تحتاج الإيرادات النفطية إلى إنفاق متزايد على مرافقها وبنيتها التحتية للاستمرار في تحقيق وفر في الإنتاج وتصديره، إذ أكد تقرير متخصص بقطاع الطاقة، ضرورة أن «تضخ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 250 بليون دولار في قطاع الطاقة في السنوات الخمس المقبلة، لتلبية الطلب المتنامي على الكهرباء فقط». وتوقع أن «يزداد الحجم الاستيعابي للطاقة في المنطقة خلال هذه الفترة بنسبة 7.8 في المئة سنوياً، ما يعني إضافة 124 غيغاوات للطاقة الاستيعابية». وأعلن تقرير ل «الشركة العربية للاستثمارات البترولية»، أن المنطقة «تحتاج إلى الاستثمار في مشاريع إنتاج الطاقة والنقل والتوزيع»، مشيراً إلى وجود «ما يزيد على 200 مشروع قيد التنفيذ أو مخطط لها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تتراوح كلفتها بين 100 مليون دولار و20 بليوناً». ولاحظ أن الحجم الأكبر من هذه الاستثمارات «ذهب إلى دول مجلس التعاون الخليجي التي اقتطعت نسبة 42 في المئة أو نحو 105 بلايين دولار من مجموع المشاريع». أما «مركز الكويت المالي»، فأشار إلى وجود « 361 مشروعاً في قطاع الكهرباء في دول الخليج، بقيمة 277 بليون دولار، فيما وصلت الاستثمارات الخليجية في مشاريع المياه إلى 41 بليون دولار منذ العام 2005». ورصد تقرير آخر، استمرار الزيادة في إنفاق دول الخليج على الاستثمار في البنية التحتية، خصوصاً في مجالي الطاقة والمياه بسبب النمو السكاني». وأشار إلى أن قيمة مشاريع المياه والصرف الصحي قيد التنفيذ في دول الخليج «تبلغ نحو 15 بليون دولار، تحظى الإمارات وقطر بأكبر عدد منها». وبيّنت شركة «فنتشرز الشرق الأوسط»، أن دول المنطقة «رصدت 100 بليون دولار لمشاريع المياه والطاقة بين الأعوام 2011 و2016». ونقل تقرير «المزايا» عن شركة «جدوى»، أن السعودية «تمكّنت من تحقيق إيرادات قياسية، بفعل ضخامة إنتاج النفط وارتفاع أسعاره تبلغ 1.08 تريليون ريال (288 بليون دولار) أو ما يعادل 44 في المئة من الناتج الإجمالي، ما سيفضي إلى فائض في الموازنة قيمته 347.7 بليون ريال (92.5 بليون دولار) في مقابل 291 بليون ريال (77.6 بليون دولار) العام الماضي». وكشف أن «معدل إنتاج النفط الخام سجل نحو 9.6 مليون برميل يومياً هذه السنة، مقترباً من تسجيل رقم قياسي، متجاوزاً المتوسط في نيسان (إبريل) وحزيران (يونيو) الماضيين، مستوى عشرة ملايين برميل». وتوقع أن «يبلغ متوسط سعر صادرات النفط لهذه السنة، نحو 109 دولارات للبرميل مقارنة ب 103 دولارات العام الماضي». وأوضح أن «ميزان الحساب الجاري سيستفيد من صادرات النفط المقدرة بنحو 322.6 بليون دولار، ما سيؤدي إلى فائض قيمته 167.5 بليون دولار». ورأى تقرير «المزايا»، أن هذا الأمر «ينعكس على الإمارات المالكة عشر احتياط العالم من النفط، وهو ما دفعها إلى إقرار موازنة الدولة الاتحادية للعام المقبل من دون عجز لتبلغ 44.6 بليون درهم، وتركّز على الإنفاق على الصحة والتعليم والمنافع الاجتماعية للمواطنين وتطوير الخدمات الحكومية».