انهمك الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس، باستشارات في قصر الرئاسة مع رئيس حكومته فرانسوا فيون وأعضاء حزب «الاتحاد من أجل الحركة الشعبية» (الحاكم)، للإعداد لمرحلة ما بعد الخسارة التي تكبدها حزبه في انتخابات الإقاليم. وتوقعت أوساط الحزب أن يقدم ساركوزي على تعديل حكومي، يخرج بموجبه وزير العمل كزافييه دارفوس من الحكومة بعد خسارته لمقعده في المجلس الإقليمي لمنطقة اكيتان. ويعد داركوس من المقربين من ساركوزي ومن بين الوزراء الناجحين في حكومته. ويتوقع أن ينضم الى الحكومة عناصر من حزب الاتحاد مثل الوزير السابق فرانسوا باروان المقرب من الرئيس السابق جاك شيراك ورئيس الحكومة السابق دومينيك دوفيلبان، على ان يتسلم باروان وزارة الموازنة. ويتوقع أيضاً خروج بعض وزراء الدولة الذين كانوا يعتبرون من المعارضة مثل وزيرة الدولة لشؤون المدينة فاضلة عمارة ومارتان هيرش. وأقر رئيس الحكومة علناً مساء الاحد، بخسارة الغالبية اليمينية للانتخابات الإقليمية وصرح فور صدور النتائج بأنه يتحمل المسؤولية. وكان الأمين العام للرئاسة كلود غيان الذي يعد الرجل القوي في الفريق الذي يعمل الى جانب ساركوزي، أعلن يوم السبت أنه أياً تكن نتيجة الانتخابات فإن التعديل الوزاري الذي سيتبعها سيكون «تقني» و «متواضع». وحصلت قوى اليسار الفرنسي على 53 في المئة من الأصوات، فيما حصلت الغالبية اليمينية على 35 في المئة، مما يعني أن تحالف اليسار سيتولى رئاسة المجالس الإقليمية في 21 منطقة، فيما بقيت منطقة الزاس تحت سيطرة الغالبية اليمينية. وخسر كل الوزراء الذين ترشحوا للانتخابات الإقليمية وعددهم ستة، أمام مرشحي اليسار، خصوصاً الحزب الاشتراكي الذي أحرز تقدماً كبيراً بقيادة الأمينة العامة مارتين أوبري التي حيت «الانتصار اللامثيل له للوائح اليسار الموحدة». وحققت المرشحة السابقة للانتخابات الرئاسية سيغولين رويال، انتصاراً كاسحاً في منطقة بواتو شارانت حيث تقدمت على وزير النقل في الحكومة الحالية دومينيك بوسرو وحصلت على 60.6 في المئة من الأصوات. اما حزب «الجبهة الوطنية» (اليمين المتطرف) الذي يتزعمه جان ماري لوبن فحقق تقدماً كبيراً على المستوى الوطني بحصوله على 18 في المئة من الأصوات. وقالت مارين لوبن ابنة زعيم الجبهة، اثر فوزها في منطقة با دوكاليه: «إنها معجزة سياسية، وربيع حزب الجبهة الوطنية الذي قيل إنه مات سينتقل بعد الآن من نصر الى آخر». وانتصار تحالف اليسار وتقدم الحزب الاشتراكي الذي أصبح الحزب السياسي الأول، أطلق تكهنات مبكرة حول احتمال فوز هذا الحزب في انتخابات الرئاسة عام 2012. ففرنسا عاقبت عبر الانتخابات، ساركوزي على إسلوبه الشخصي الذي تحول الى موضوع انتقاد لدى الرأي العام الفرنسي، في حين أن شعبيته تدهورت مع زيادة البطالة والأزمة الاقتصادية والاصلاحات التي لم تتم، والانفتاح على شخصيات يسارية، الامر الذي تسبب باستياء داخل حزبه الى حد أن أحد مسؤولي الحزب علق على ذلك بالقول إنه ينبغي أن تصبح من الحزب الاشتراكي لتحصل على منصب من الرئيس. وكان ساركوزي عين أخيراً شخصية اشتراكية في ديوان المحاسبة، خلفاً لرئيس الديوان اليميني الراحل فيليب سيغان. والتكهنات حول احتمال فوز الحزب الاشتراكي بالرئاسة ما زالت حذرة مع وجود مرشحين عديدين محتملين في صفوف الحزب من بينهم دومينيك شتراوس كان الذي يرأس حالياً صندوق النقد الدولي، ورويال العازمة على عدم ترك المكان لغيرها، خصوصاً بعد النتائج الجيدة التي أحرزتها، وأوبري التي تعد الأوفر حظاً لأنها أعادت الحزب الى موقعه في الحياة السياسية الفرنسية. وبانتظار التعديلات التي سيجريها ساركوزي لاستخلاص العبر من هذه الانتخابات، تشهد العاصمة الفرنسية اليوم (الثلثاء) اضرابات احتجاجية على قرارات مختلفة اتخذت في قطاع النقل.