تصاعدت وتيرة الخلاف أخيراً، بعد إعلان توسعة «المطاف» ل «المسجد الحرام»، والتي تتضمن إعادة بناء «الرواق العثماني» و«الحرم القديم»، بين فريق مخالف لفكرة التوسعة خشية زوال بعض الآثار التاريخية، فيما يرى آخرون أن التيسير على الحجاج والمصلين يأتي في الأوليات المهمة. وقال نائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام الدكتور محمد الخزيم في بيان صحافي أمس: «إن توسعة المطاف التي سترفع الطاقة الاستيعابية إلى أكثر من 150 ألف طائف في الساعة ستحافظ على الحرم القديم، غير أنه سيخفض منسوبه ليحاذي منسوب صحن الطواف ويرتبط بدور القبو، إذ سيؤمن ارتباطاً فعالاً ومباشراً بين الساحات الخارجية وصحن الطواف من دون تداخل في الحركة مع مستخدمي الدور الأرضي»، مشيراً إلى أن المشروع يتضمن إنشاء مسارات لعربات ذوي الاحتياجات الخاصة، وتسوية المناسيب في الأروقة إلى المستوى الذي عليه صحن المطاف الحالي. وأوضح أن المشروع يستغرق تنفيذه ثلاثة أعوام روعي فيه كل المتطلبات الضرورية التي تهدف إلى تسيير أداء الطواف وتسهيل أداء النسك، مضيفاً أنه سيتبع هذا المشروع إنشاء تكييف لكامل المسجد الحرام. وفي المقابل، أكد وكيل معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج الدكتور محمد إدريس في حديث إلى «الحياة» أن المعهد يدرس فكرة إعادة بناء «الحرم القديم» والاستفادة من المساحة التي تحيط ب «المطاف». وأوضح أن «المعهد» لم يتطرق إلى إزالة البناء ل«الرواق العثماني» ولم يؤيده، بل إعادة بنائه بطرازه القديم وذلك بتأصيل الطابع المميز، منوها بأنه تم اقتراح إعادة بنائه بحيث لا يكون عائقاً في توسعة المطاف، وقال: «بطبيعة الحال ستتم الإزالة، لكن سيعاد بناؤه بالطابع العمراني القديم نفسه، ونحن فكرتنا إعادة البناء بأدوار عدة ليتناسب موقعه والتصميم الجديد للمطاف». وعن الآثار القديمة ذات القيمة التاريخية أكد أن إعادة بنائها أو إزالتها أو حتى المحافظة عليها تعتمد على أهميتها وموقعها وقيمتها، فإذا كانت تعيق التطوير والتوسعة فلا يوجد حل آخر غير الإزالة على حد تعبيره. من جهته، يرى أستاذ العمارة ومؤسس مركز أبحاث الحج الدكتور سامي عنقاوي في حديث إلى «الحياة» أن الرواق العثماني يعتبر آخر التراث الإنساني المتبقي في المسجد الحرام، واصفاً هدمه بغير الضروري، مؤكداً وجود وثائق تدل أن هناك طرقاً بديلة غير هدم الرواق. وقال: «إن معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج، غير ملمين بالدراسات القديمة، وللأسف الأساتذة في هذا المعهد لا يدركون ما الذي يحدث، إذ يصدرون قرارات ومن ثم يبدأون بدرسها». ولفت إلى وجود وسائل بديلة كثيرة عن هدم الرواق العثماني، مبيناً أن راحة الحجيج وسلامتهم من الأولويات، وأضاف: «إن الحلول التي أتحدث عنها شاركت فيها مع عشرات الأساتذة ومئات الطلاب»، رافضاً في الوقت ذاته تسمية «الرواق بالعثماني»، معللاً ذلك بأنه يحتوي على كل المراحل التاريخية التي مرت بالمسجد الحرام، حتى إنه يوجد عمودان يعرفان بأنهما ممرا الرسول للصفا.