سعت المرأة العربية، بكل الوسائل للتخلّص من أحكام جرائم الشرف السائدة في منطقة الشرق الأوسط. لكن، أن تلاحقها هذه اللعنة إلى البلدان الغربية، أمر ضاقت به ذرعاً المرأة المسلمة أخيراً، حيث أصبح قتلها بدواعي الشرف في ألمانيا مثلاً، أمراً مكرراً وبمباركة الأهل، إذ يدفعون كالعادة بأحد الأولاد الأصغر سناً، لقتل شقيقته، تحت حجج واهية، مثل التخلّي عن ارتداء الحجاب، أو الاقتران بغير مسلم، أو العيش كالألمانيات حرة ومن دون قيود. هكذا كثرت حالات القتل في شكل كبير، ما دفع برابطة المسلمين العرب الألمان لإعلان موقف رسمي من هذه الظاهرة، بصفتها بعيدة كل البعد من الإسلام. تأييد عائلي وتعتبر ظاهرة قتل النساء تحت ذرائع الشرف، منتشرة في شكل كبير في المجتمعات التركية. لكن المشكلة التي يعتبر الساسة والمعنيون، أنها تلقى تأييد الشباب الأتراك الذين ولدوا وترعرعوا في ألمانيا، يدفع إلى السؤال: هل هم حقاً على استعداد للاندماج في المجتمع الألماني، وإلى أي حد؟ وكيف؟ ويشكل ارتكاب مثل هذه جرائم وتأييدها، حجر عثرة كبيراً في طريق اندماج الجالية المسلمة في ألمانيا. وقد تساءل محافظ برلين الاشتراكي الديموقراطي كلاوس فوفيرايت عن مكامن الخطأ في عملية اندماج المسلمين. لافتاً إلى «تقوقع عدد كبير منهم في عالمه ورفضه قيمنا الغربية». لذا، يتوقع وعلى المدى البعيد، أن يغير من سياسات الهجرة والحدّ من قبول مزيد من اللاجئين والمهاجرين المسلمين، خصوصاً أن أحد التسريبات الأخيرة، كشفت نية أحد المستشارين الألمان السابقين، عن إعادة جزء من الجالية التركية إلى بلاده، كونه لا يندمج مع المجتمع الألماني، وإن كانت هذه الجرائم تلقى سخطاً كبيراً من جانب التركيات والمسلمات على حد سواء، والتي يرفضنها جملة وتفصيلاً، ويطالبن القضاء الألماني بأحكام عادلة تعاقب المجرم. لكن ردود الأفعال الساخطة لا تعني منع هذه الجرائم أو قدرة القضاء الألماني على أخذ حق الضحايا بالكامل. ... وورطة قضائية اعتقد قضاة كثر أن هذه الجرائم تندرج تحت بند الإسلام، أو أن لها أساساً في القرآن. لذا، تعاملوا معها بحذر، كونها تخص قوانين دينية لا يمكن المساس بها وفق اعتقادهم. إلى أن أوضحت مجموعة من علماء المسلمين، أن الإسلام بريء من هذه الجرائم، ولا يوجد سنّة متبعة في هذا، وقتل النفس أمر حرام في الإسلام، إلا بشروط، ليست جرائم الشرف من ضمنها. كما دعا رجال دين مسلمون إلى حوار إسلامي - ألماني، لمحاولة حلّ هذه الأزمة وتوضيح أخطار هذه الظاهرة. وكان حسين ميديك ممثل أكبر جمعية للمساجد في ألمانيا صرّح «أن قتل النفس محرّم، مهمتنا هي تفسير الإسلام، لتوضيح بعض الأفكار الخاطئة عنه في عقول الناس». ومع هذا لا يرقى رد فعل رجال الدين المسلمين الرسمي، إلى المستوى المطلوب. «تنزيلات إسلامية» استخدمت الصحافة الألمانية في الآونة الآخيرة، مصطلح «تنزيلات إسلامية»، وذلك للتعبير عن سوء الأحكام الصادرة بحق مرتكبي جرائم الشرف. فالشاب الأفغاني الذي قتل زوجته الحامل، حكم عليه بالسجن 15 عاماً، على رغم أنه وفق القانون الألماني يكون الحكم في مثل هذه الحالة بالسجن المؤبد. وقد أثار «الحكم المخفف» على الشاب الأفغاني فتح ملف جرائم الشرف وعقوباتها في القانون الألماني مجدداً، ما حدا بالصحافة إلى استخدام مصطلح «تنزيلات إسلامية»، أي أن العقوبات لا تتضمن فقط خفض حكم الإعدام على مرتكب جرائم الشرف، بل أيضاً على الرجل المسلم الذي يضرب زوجته أو يعنّفها، إذ تصدر بحقه أحكام مخففة مقارنة بتلك التي يواجهها ألماني ارتكب جرائم مماثلة. وفي دراسة عن الجنايات في ألمانيا ستصدر قريباً، استنتجت الباحثة جوليا كاستيلت أن القضاء الألماني هو الخصم الثقافي الحقيقي لا قتلة الشرف، وذلك استناداً إلى استقصاءات وبحث على 78 حالة أجريت بين عامي 1996 و2005.