أثارت الوزيرة الألمانية من أصل تركي أيغول أوتسكان عاصفة من الاحتجاجات بعد مطالبتها بنزع الصلبان من صفوف المدارس الرسمية، مؤكدة أن الدستور الألماني يفرض على المؤسسات الرسمية أن تكون محايدة إزاء الأديان. وسارعت الكنيسة والمستشارة أنغيلا مركل الى رفض طلب الوزيرة المنتمية الى حزب مركل (الديموقراطي المسيحي)، والتي عيّنت حديثاً وزيرة للشؤون الاجتماعية في حكومة ولاية ساكسن السفلى، فيما أيدت الأحزاب اليسارية هذه الدعوة. وصدرت سلسلة من التصريحات الغاضبة من مسؤولين كثر في الحزبين المسيحيين المشاركين في الحكومة، تندد بموقف أوتسكان، وهي أول وزيرة من عائلة مهاجرة. وقال الناطق باسم الحكومة الألمانية كريستوف شتيغمانز إن المستشارة مركل ترفض نزع الصلبان من صفوف المدارس الرسمية، وهو الموقف الذي أعربت عنه مفوضة حكومتها لشؤون الاندماج والهجرة ماريا بومر. وردّ رئيس حكومة ولاية برلين (الاشتراكي) كلاوس فوفيرايت على الحملة ضد الوزيرة، قائلاً إنها «لم تفعل أكثر من محاولة تطبيق القرار الذي سبق أن أصدرته المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن»، ولم يطبق عملياً في غالبية الولايات. وأضاف فوفيرايت بتهكّم أن «من الواضح أن الوزيرة أوتسكان عضو في الحزب الخاطئ». وقالت اوتسكان وهي محامية ولدت في هامبورغ لوالدين هاجرا إلى ألمانيا في الستينات من القرن الماضي، انها لا تعتبر نفسها متدينة، لكن أسرتها تحتفل بالمناسبات الإسلامية. وأشارت في مقابلة مع صحيفة «بيلد» الى انها تلقت تهديدات بالقتل من جماعات اليمين المتطرف. على صعيد آخر، كشف رئيس المكتب الاتحادي لمحاربة الجريمة في ألمانيا يروغ تسيركه أمس، أن عدد التحقيقات الأمنية والقضائية التي يجريها المحققون الألمان ضد إسلاميين متطرفين وصل إلى رقم قياسي هو 350 تحقيقاً. يأتي ذلك بعد إعلان رئيس المكتب الاتحادي لحماية الدستور هاينتس فروم أن الخطر الإرهابي في ألمانيا «لا يزال عالي المستوى»، مشيراً الى ان المحققين «يتعاملون مع أناس قرروا بصورة حازمة تنفيذ اعتداءات في ألمانيا باسم الجهاد». وقال أن الإسلاميين في الداخل والخارج يستغلون الاعتداءات التي ذهب ضحيتها عدد من الجنود الألمان في أفغانستان أخيراً، لغايات دعائية ويعتبرونها «خطوة على طريق سحب القوات الألمانية من أفغانستان، والانتصار». وأضاف فروم أن مكتبه يراقب حالياً مجموعة تطلق على نفسها اسم «مجاهدو طالبان الألمان» وضعت أخيراً شريط فيديو في الإنترنت، لكنهم لم يتعرفوا بعد إلا على معتنق الإسلام إيريك براينينغر الموجود في أفغانستان حالياً. واعتبر فروم أن التواجد القوي لتنظيم «القاعدة» في اليمن «يعني أن ثمة خطراً في زيادة تأثير التطرف الإسلامي في ألمانيا انطلاقاً من هناك». وربط رئيس المكتب الاتحادي لمحاربة الجريمة العدد القياسي من التحقيقات التي تجريها السلطات الألمانية ضد إسلاميين مشبوهين بالإرهاب، بتزايد الهجمات ضد القوات الألمانية في أفغانستان. وكشف تسيركه ان عدد الأشخاص الذين لهم صلة بالساحة الإسلامية الإرهابية في ألمانيا بلغ حوالى 1100 شخص، مشيراً الى أن اجهزة الأمن تراقب حالياً 127 منهم. ولاحظ في الوقت ذاته تزايداً في عدد الرحلات من ألمانيا إلى معسكرات التدريب منذ مطلع عام 2009. وأوضح أن أكثر من 30 شاباً انتقلوا من ألمانيا إلى أفغانستان أو باكستان خلال العام الماضي وحده، مشيراً إلى رصد المحققين تأسيس جماعة ألمانية في أفغانستان. وقال: «هذه الجماعة المكوَّنة حالياً من 10 إلى 12 شخصاً تحاول استقطاب المزيد من الألمان، وهي تفعل ذلك للأسف بنجاح». تزامن ذلك مع ارتفاع أصوات التحذيرات الأمنية في ألمانيا من خطورة بعض المواطنين الذين اعتنقوا الديانة الإسلامية. وذكرت مجلة «فوكوس» الأسبوعبة استناداً إلى مصادر في هيئة مكافحة الجريمة أن تحقيقات الشرطة على مستوى الولايات والدولة، أظهر وجود 11 ألمانياً مسلماً تم تصنيفهم على أنهم «مصدر خطورة بالغة»، إضافة إلى 26 آخرين، بينهم ثلاث سيدات، «يشكلون خطراً على البلاد». وأوضح تقرير المجلة أن أعمار المسلمين الألمان المشتبه في استعدادهم للتخطيط لهجمات إرهابية في ألمانيا يتراوح بين 20 و 42 عاما.