اختارت الحركة الإسلامية السودانية أمس وزير المال السابق الزبير أحمد الحسن أميناً عاماً للحركة، في خطوة تكرّس موقف التيار المحافظ الذي يسعى إلى دمج الحركة في حزب المؤتمر الوطني (الحاكم) تحت مظلة الدولة ووضع الأجسام الثلاثة «الحكومة - الحزب الحاكم - الحركة الإسلامية» تحت زعامة الرئيس عمر البشير. ومهّد رفض مستشار الرئيس السابق غازي صلاح الدين، الذي يتزعم تياراً إصلاحياً، الترشيح للأمانة العامة لفوز الزبير أحمد الحسن بالتزكية. وقال صلاح الدين إنه لم ينسحب ولكنه رفض الترشح، مشيراً إلى أنه أعلن هذا الموقف لكن بعض أعضاء هيئة الشورى حاولوا على رغم ذلك ترشيحه ولكنه تمسك برفضه. وعزا صلاح الدين في تصريحات زهده في الترشح لمنصب الأمين العام لأن التعديلات الدستورية جعلت المنصب بلا أهمية، مشيراً إلى أن «الهيئة القيادية» تُفقد الحركة الإسلامية استقلالية القرار في حين أنه يريد حركة إسلامية حرة ومستقلة. وكان المؤتمر العام للحركة الإسلامية أقر تعديلات على دستورها بحيث صار انتخاب الأمين العام من مجلس الشورى (400 عضو) بدل المؤتمر العام (4000 عضو)، وإنشاء هيئة قيادية برئاسة البشير وتضم نوابه في القصر الرئاسي والحزب الحاكم. ويُعتبر الزبير أحمد الحسن (55 عاماً) من رجال الدولة التنفيذيين في المجال الاقتصادي ولم يكن له دور سياسي أو فكري معروف في الحركة الإسلامية، لكنه برز كرجل فاعل في دولاب الدولة، إذ شغل وزارتي المال والنفط ورئاسة اللجنة الاقتصادية في البرلمان، وعُرف عنه الصمت والزهد. وقال الحسن في أول تصريح عقب اختياره، إن الحركة الإسلامية تواجه تحديات عظيمة تشمل أسلمة المجتمع والدعوة إلى الله، ورأى أن الهيئة القيادية الجديدة لن تُضعف منصب الأمين العام لأنها تُعنى بالخطط والاستراتيجيات، مشيراً إلى أن الحكومة والحزب الحاكم والحركة الإسلامية لها مهمات وأدوار تتكامل ولا تتقاطع. وقال إسلاميون في مجلس شورى الحزب الحاكم ل «الحياة» إن اختيار الزبير لزعامة الحركة الإسلامية يُعبّر عن التيار المحافظ في الحركة الذي يسعى إلى توحيد قيادة الدولة والحزب والحركة بعدما واجه صعوبة في تذويب الحركة الإسلامية في حزب المؤتمر الوطني الحاكم. وثمة من يعتقد أن منح الحركة الإسلامية استقلالاً سيقود إلى نزاع جديد بين قيادة الدولة الحركة، كما حدث بين البشير والزعيم الاسلامي حسن الترابي ما أدى إلى انشقاق في وسط الإسلاميين في العام 1999. وذكر الإسلاميون أن تيار الإصلاح في الحركة الإسلامية، ومن ابرز رموزه غازي صلاح الدين ووزير الأوقاف السابق حسن عثمان رزق، كان يمكن أن يفوز بغالبية كبيرة لأنه يحظى بدعم قطاع واسع من الشباب والمرأة وممثلي الولايات في حال تم طرح ترشيح الأمين العام عبر المؤتمر العام، لكن تدخل جهات في مجلس الشورى غيّر الأوضاع لمصلحة التيار المحافظ. وقال رئيس مجلس شورى الحركة الإسلامية مهدي إبراهيم عقب انتخابه، إن الانتخابات تمت بصورة ديموقراطية، مؤكداً أن مسؤولية مجلس الشورى تتطلب مزيداً من القدرات والإمكانات لمتابعة أداء الأمانة العامة للحركة. وأضاف أن الحركة الإسلامية لها أشواق وهموم وتطلعات تتجاوز السودان إلى العالمية والعربية، مما يتطلب إعداد سياسات تواكب ذلك. من جهة أخرى، حذّر رئيس البرلمان السوداني أحمد إبراهيم الطاهر دولة جنوب السودان من التسبب في انهيار اتفاقات التعاون التي وقعتها مع حكومته أخيراً بعد أن اتهمها بمواصلة دعم الحركات المتمردة لشن ضربات على السودان. وطالب الطاهر في تصريحات صحافية الجنوب بالبدء فى تنفيذ اتفاق الترتيبات الأمنية كشرط لبدء ضخ نفط الجنوب ولبناء تعاون اقتصادي فعلي، وأكد أن الاتفاقات الموقعة لن ترى النور ما لم يأمن المواطن السوداني من الاعتداءات التي قال إن الجنوب يساعد فيها. وذكر أن الحدود مشحونة بنشاطات عدائية، مؤكداً أن حركات التمرد ما زالت تتسرب من جوبا محملة بالأسلحة المختلفة فيما لم يفك ارتباط جيش الجنوب مع المتمردين الشماليين فى ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، مشدداً على ضرورة إخلاء جوبا للحدود من أي تهديدات. وكان وزير النفط السوداني عوض الجاز أعلن أيضاً عن عدم بدء ضخ النفط من الجنوب إذا لم يتم التوصل إلى اتفاقات أمنية. وفي جوبا، أعلن مدير عام شركة النفط الجنوب سودانية بول مادون أن بلاده أعادت جدولة برامجها الخاصة باستئناف تصدير النفط عبر الأنابيب السودانية بعد تعذر الاتفاق حول الترتيبات الأمنية. إلا أنه نفى التقارير التي تحدثت عن توقف الاستعدادات لتصدير النفط.