علمت «الحياة» أن لقاءات رئيس الاستخبارات المصرية اللواء رأفت شحاتة مع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل والأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» رمضان شلح أسفرت عن تسلمه شروط فصائل المقاومة الفلسطينية لإبرام اتفاق تهدئة مع إسرائيل، والتي سلمها من جانبه إلى مسؤول إسرائيلي التقاه أمس، بانتظار رد تل أبيب من أجل صوغ اتفاق للتهدئة يُرضي الأطراف كافة. وكان شحاتة التقى كلاً من مشعل وشلح، قبل أن يعقد الثلاثة اجتماعاً مشتركاً تم التوصل فيه إلى مطالب المقاومة لتحقيق التهدئة. يأتي ذلك فيما سجلت الجامعة العربية موقفاً لافتاً بأن دعا وزراء الخارجية العرب إلى إعادة النظر في المبادرة العربية للسلام التي أقرتها قمة بيروت في العام 2002. وقال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» عزت الرشق ل «الحياة»: «لا نريد حرباً شاملة، ولا يسعدنا ذلك، لكننا نسعى إلى التوصل إلى تهدئة مشرفة بشروط المقاومة وتحقق أهداف الشعب الفلسطيني ومصالحه»، لافتاً إلى أن القوى والفصائل الفلسطينية، بما فيها «حماس»، لا تسعى إلى تهدئة بأي ثمن، خصوصاً أن أداء المقاومة جيد ومعنويات الناس عالية. وأوضح أن المفاوضات لا تزال مستمرة مع الجانب المصري الذي يقود جهود التهدئة وعلى اتصال بالجانب الإسرائيلي، مشيراً إلى أن «إسرائيل تطالب أولاً بوقف إطلاق صواريخ المقاومة، ونحن من جانبنا نقول إن العدوان الإسرائيلي على غزة هو السبب في إطلاق الصواريخ، ولسنا نحن سبب الحرب التي تجري حالياً». وأضاف أن «وقف إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية يستدعي أولاً أن توقف إسرائيل عدوانها ومن ثم نتوصل إلى تهدئة». وعلى صعيد النقاط الأساسية التي سيتناولها اتفاق التهدئة، قال: «وقف إطلاق النار من الجانب الإسرائيلي، ووقف الاغتيالات، ورفع الحصار عن قطاع غزة». ولفت إلى أن «المقاومة ليست في عجلة من أمرها، فهي لا تلهث وراء التهدئة، بل تشعر بمزيد من الاطمئنان والثقة بأنه يمكنها الدفاع عن شعبنا، وفي الوقت ذاته فإن العدو فوجئ برد فعل المقاومة القوي». وأشار إلى أن «جهود التوصل إلى تهدئة تقودها مصر، لكن هناك أطرافاً دولية تدعمها وعلى رأسها تركيا وقطر»، موضحاً أن الإسرائيليين وسطوا أطرافاً دولية متعددة، على رأسهم الرئيس باراك أوباما ودول أوروبية مثل ألمانيا وغيرها. وقال: «لذلك فالتهدئة يجب أن تكون بضمانات مصرية ودولية». وتوقع قيادي رفيع في حركة «الجهاد» التوصل إلى تهدئة في غضون 24 ساعة، وقال ل «الحياة»: «أنهينا محادثاتنا مع المصريين في خصوص التهدئة، وأبلغناهم بالنقاط الأساسية التي يجب أن تتوافر»، مشدداً على أن أي تفاهمات يجب أن تتضمن وقفاً متبادلاً لإطلاق النار ووقف الاغتيالات وتسهيلات في مجالات محددة في المعابر لتخفيف المعاناة عن أهالي غزة. ورأى المصدر أن «هذا الاتفاق ليس جديداً عما سبقه من اتفاقات سابقة، ومهما كان حجم الالتزامات فإنها ليست كافية، ويمكن لأي طرف أن يتملص منها إذا أراد»، مؤكداً أن كل من هو طرف في هذه المسألة لا يسعى إلى التصعيد. وقال: «معنيون بالتهدئة ولا نريد حرباً شاملة مثلنا مثل حماس، لكن ما زال أمامنا فسحة من الوقت، فنحن نريد تحقيق تهدئة وفق رؤيتنا التي تحقق مصلحة شعبنا الفلسطيني». وأضاف أن «المقاومة هي التي تحكمنا ... لذلك نريد وقف إطلاق نار يضمن لنا قدراً من الكرامة والإنجازات»، لافتاً إلى أن كل الأطراف يسعى إلى التوصل إلى تفاهمات تكون مرضية، والأمر ما زال خاضعاً للبحث للتوصل إلى حلول تقبل بها الأطراف الفلسطينية. واعتبر أن التهدئة هي جزء من المعركة مع الإسرائيليين التي ستظل مفتوحة ولن تنتهي اليوم أو غداً طالما أن الوطن محتل. وتوقع التوصل بين مصر والإسرائيليين إلى تفاهمات وتوافقات على الشروط المتواضعة التي وضعها الجانب الفلسطيني للتهدئة، وقال: «أبلغنا مصر بمواقفنا، ومن المفترض أن مصر عرضتها على الجانب الإسرائيلي وفي انتظار الرد». وكشف أن وفد «الجهاد» برئاسة شلع التقى أول من امس وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو الذي يزور القاهرة ضمن الوفد الذي يرافق رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. وقال إن «مصر الآن تضع اللمسات النهائية للاتفاق الذي سيكون مكتوباً وبما يرضي الأطراف كافة»، وقال: «كل طرف يريد أن يرى أنه حقق الإنجاز الذي يتطلع له»، معولاً على الجانب المصري الذي يدير مفاوضات التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. في غضون ذلك، أعلن الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي أن سبعة وفود ستزور غزة غداً، هي وفود لبنان والعراق والسودان ومصر والجزائر وفلسطين، إلى جانب الأمين العام للجامعة العربية. وأجرى العربي اتصالاً هاتفياً بالرئيس محمود عباس أطلعه فيه على نتائج اجتماع مجلس الجامعة. وكان العربي أعرب عن استياء العرب إزاء عجز مجلس الأمن وفشله في وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، منتقداً أيضاً عجز اللجنة الرباعية الدولية في التعامل مع الصراع العربي - الإسرائيلي. ولفت إلى أنه من هذا المنطلق تصدر للمرة الأولى قرارات من الجامعة العربية تتناول إعادة النظر في طريقة إدارة الصراع العربي - الإسرائيلي، في إشارة إلى المبادرة العربية للسلام. وعن الفارق بين هذا القرار وما قيل سابقاً عن موت مبادرة السلام العربية، قال العربي إن «مبادرة السلام ماتت قبل أن تولد، ومطلوب بحث البدائل، وهذا يقتضي تفكيراً وقرارات من القمة على أعلى مستوى ثم طرحها على الدول الأخرى». وعن مدى إمكان التزام الدول العربية وقف التطبيع مع إسرائيل بحسب قرار وزراء الخارجية، قال إن هذه توصية بوقف التطبيع وكل قرارات الجامعة العربية غير ملزمة إلا من خلال موافقة الدول. وأوضح وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام أن وزراء الخارجية العرب اتفقوا على تشكيل لجنة وزارية عربية لإعادة تقويم الاستراتيجية العربية في التعامل مع الصراع العربي - الإسرائيلي وإعادة النظر في خيار السلام العربي، مضيفاً أن اللجنة العربية ستقوم بزيارة ميدانية لقطاع غزة. وأوضح أن المؤتمرين لم يتحدثوا عن عقد قمة عربية طارئة عن غزة، وهو الطلب الذي تقدم به وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي. وكان العربي بحث أمس نتائج الاجتماع الوزاري وسبل وقف العدوان الإسرائيلي على غزة مع أردوغان. في غضون ذلك، صرح الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية، الوزير المفوض عمرو رشدي بأن الأمين العام للأمم المتحدة سيزور مصر اليوم لبحث الأوضاع في المنطقة ورؤية مصر للتعامل مع القضايا الإقليمية والدولية المطروحة على أجندة المنظمة.