تعتبر المنسوجات في مصر من الصناعات التي بقيت محمية مدة طويلة عبر التعرفة الجمركية، ما أدى إلى نمو مجموعات من محترفي التهريب من تجار ومخلّصين جمركيين عبر أنظمة السماح الموقت والمناطق الحرّة التي تسمح باستيراد الأقمشة لاستخدامها في تصنيع الملابس التي تصدّر إلى الخارج، غير أن كميات الاستيراد لم تكن تتناسب مع الطاقات الإنتاجية للمصانع، إذ كانت تسرّب كميات من الأقمشة إلى السوق المحلية من دون دفع رسوم جمركية. وأشار رئيس غرفة الصناعات النسجية محمد المرشدي إلى أن سوق المنسوجات تقدر سنوياً ب30 بليون جنيه، وأن نسبة 50 في المئة من المنتجات المتداولة تدخل مصر عن طريق التهريب، إذ اتسع حجم التهريب بشدّة عقب الثورة، بخاصة مع عدم تفعيل الكثير من القرارات المانعة للتهريب، مثل متابعة السلع خارج الدائرة الجمركية وربط استيراد الأقمشة بالطاقات الإنتاجية للمصانع المستوردة. وتتجاوز استثمارات قطاع النسيج 20 بليون جنيه مصري (3 بلايين دولار)، ويعمل فيه نحو 25 في المئة من العمال في قطاع الصناعة البالغين نحو 12 مليون شخص. وكان وزير الصناعة والتجارة المصري حاتم صالح أعلن خطة حكومية لإصلاح صناعات النسيج، عبر دعم حكومي قدره 300 مليون جنيه، في ظل تساؤلات عدة بين صناع النسيج والملابس حول المشاكل الحقيقية التي تواجه القطاع وإمكانات إصلاحه والنهوض به من عثرته. ويرى بعض منتجي الملابس في البلاد أن تقديم دعم مالي لبعض الشركات الحكومية العاملة في الغزل لا يفي بتنمية القطاع، إذ يجب الالتفات إلى مشاكل القطاع المختلفة. وتفيد تقديرات غرفة الصناعات النسيجية بأن فاتورة التهريب في قطاع النسيج تقدر بنحو 15 بليون جنيه سنوياً (2.5 بليون دولار)، وأن هناك شبكات منظمة تضم مستوردين وتجاراً وموزعين ومخلّصين. وأفاد مصدر مسؤول في غرفة الصناعات النسجية بأن مصانع الملابس تعمل بأقل من نصف طاقتها، بسبب وجود كميات كبيرة من الأقمشة والملابس المهرّبة من الخارج. ويذكر أن هناك اقتراحات قدمت إلى وزارتي المال والصناعة والتجارة للحدّ من التهريب، تضمّنت إحكام الرقابة على المنافذ الجمركية المختلفة وربط كميات الغزل والأقمشة المستوردة بنظام السماح الموقت والمناطق الحرّة بالطاقات الإنتاجية للمصانع، إضافة إلى إخضاع الواردات للفحص بالإشعاع، وإلزام التجار بالبيع بواسطة فاتورة. ويتصور البعض أن مطلب محاصرة التهريب لا ينهيه، لكنه يساهم في تقليص آثار هذه الظاهرة التي تحتاج إلى وقفة جادة من أجهزة الدولة كافة. وحذر رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للغزل والنسيج والملابس فؤاد عبدالعليم حسان، من استمرار إغراق السوق المحلية بالأقمشة والملابس المهربة من الخارج، مؤكداً أن كميات ضخمة منها تباع علناً في الشوارع وعلى الأرصفة تحت بصر وسمع الجهات الرقابية ولا يتحرك أحد، مطالباً بتفعيل الإجراءات القانونية كي لا تهدر موارد الدولة وصناعتها. وطالب بضرورة محاربة التهريب وتشديد العقوبات على المهرّبين والمتاجرين بالمنتجات المهرّبة، مشيراً إلى أن الشركة لا تستطيع تفادي الخسائر التي يسببها التهريب، بل على الحكومة اتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة كي لا يتفاقم الوضع. يذكر أن الأقمشة المستوردة من سورية والهند وباكستان أرخص من المصنّعة محلياً، ما أدى إلى إغراق السوق وتسبب في تضرر مصانع النسيج المحلية. وفي نيسان (أبريل) الماضي بلغ متوسط سعر الغزل المحلي ما بين 4.8 و5.5 دولار للكيلوغرام، في حين يبلغ سعر المستورد بين 3.5 و4.5 دولار.