دمشق، بيروت، انقرة - ا ف ب، رويترز - أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف محادثات أمس في الرياض مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ووزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي تركزت على البحث في أوضاع سورية، على رغم أن الوضع السوري لم يكن ضمن بنود الاجتماع حين تم الاتفاق على عقده بين الجانبين قبل نحو شهرين. وبدأ لافروف محادثاته في الرياض باجتماع استغرق أكثر من ساعة مع نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل، ولم يدل أي منهما بتصريحات بعد انتهاء محادثاتهما. وقالت مصادر ل «الحياة» إن السعودية شددت على موقفها الداعي إلى وقف النزاع والقتل في سورية. ورجحت أن يكون حوار لافروف - الفيصل تطرق إلى اتفاق الدوحة الذي أسفر عن توحيد غالبية فصائل المعارضة السورية، من خلال الائتلاف الوطني السوري الذي رحبت به القوى الغربية الكبرى ودول مجلس التعاون وجامعة الدول العربية. وقال رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني ان الاجتماع مع لافروف اكد استمرار الخلافات بين روسيا ودول الخليج بشأن الازمة السورية. وجدد وزير خارجية البحرين الشيخ خالد آل خليفة موقف دول مجلس التعاون بأن بشار الأسد فقد شرعيته بسبب ممارسات القتل بحق أفراد شعبه. واكد لافروف في مؤتمر صحافي بعد اجتماعه مع وزراء مجلس التعاون على ضرورة تسوية الازمة السورية عبر الحوار وتوفير الفرصة لمرحلة انتقالية حسب ما تم الاتفاق عليه في جنيف في آخر تموز (يوليو) الماضي. وقال انه لا توجد حاجة الى قرار جديد من مجلس الامن لأن بيان جنيف يكفي. كما دعا الى وقف اعمال العنف وقال ان الانتهاكات تحصل من الجانبين والاولوية هي لسفك الدماء. وطالب كل الاطراف بالسعي الى وقف النار. وذكر ان ربط حل الازمة برحيل الاسد يعني ان سفك الدماء سيستمر. واستبق وزراء الخارجية الخليجيون لقاءهم لافروف باجتماع تنسيقي استغرق نحو نصف ساعة. وتجمع مواقف الدول الست على ضرورة بذل كل جهد ممكن لوقف إراقة الدماء في سورية، وتخفيف المآسي التي يعيشها الشعب السوري، وتعزيز المساعدات التي تستهدف اللاجئين والنازحين السوريين. واستبعدت المصادر التي تحدثت إليها «الحياة» أمس أن يكون لافروف ألمح إلى أي مرونة محتملة في الموقف الروسي الذي تعتقد القوى الغربية ودول الخليج العربية أن مؤازرته لنظام بشار الأسد هي التي تحول دون نجاح الثورة السورية، وتطيل أمد الاقتتال وتزيد حجم الدمار في سورية. واستبقت وزارة الخارجية الروسية اجتماع الرياض بالإعلان عن أن لافروف سيبحث مع نظرائه الخليجيين القضايا كافة، خصوصاً الأزمة السورية وضمان أمن الخليج. ورجحت مصادر أن يكون لافروف سعى إلى إقناع السعودية بالسماح بمشاركة إيران في المساعي المبذولة لإنهاء النزاع السوري. وكان رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف انتقد امس في حديث مع صحيفة فنلدية المواقف «المنحازة» التي تتخذها دول تدعم المعارضة السورية. وقال «اننا لا ندعم احدا في هذا النزاع، لا الرئيس الاسد ولا المتمردين، خلافا لما يظنه الناس عموما لكن مع الاسف، وجهة نظر بعض الدول منحازة: بعضها يقول يجب ان يرحل الاسد فورا والبعض الاخر يريد ارسال اسلحة، وهذا خطأ حسب رايي». ميدانياً اتسع امس نطاق المعارك الدائرة عند الحدود السورية مع كل من تركيا واسرئيل. وبدا ان قوات المعارضة تتقدم في هذه المناطق. فقد سيطرت على مدينة رأس العين في محافظة الحسكة التي تعرضت لقصف جوي مكثف في محاولة لاخراج المعارضين منها. وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان 18 عنصرا على الاقل من قوات النظام قتلوا امس في الاشتباكات مع مقاتلي المعارضة في محيط تجمع اصفر نجار العسكري وقال ان المقاتلين سيطروا «في شكل كامل» على هذا التجمع القريب من مدينة رأس العين. من جهة اخرى اكد وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك خلال جولة قام بها امس في مرتفعات الجولان المحتلة ان «معظم القرى عند سفح الهضبة اصبحت تقريباً بكاملها في يد الثوار» واضاف انه يبدو ان فاعلية الجيش السوري في هذه المناطق تتقلص بشكل متواصل. ووصف باراك سيطرة الرئيس السوري على الوضع في بلاده بانها تتعرض ل «تفكك مؤلم». واعتبر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي رافق باراك في الجولة ان اسرائيل تواجه «تحديا» جديدا في سورية لوجود «قوى تابعة للجهاد العالمي» معادية لها، واكد نتانياهو ان «النظام السوري يتفكك الى قوى جديدة وعناصر اكثر تطرفا ضد اسرائيل تابعة للجهاد العالمي باتت تترسخ على الارض، ونحن نستعد للتعامل مع ذلك». وعلى الحدود التركية سمع مراسلون امس اصوات الطائرات الحربية تحلق داخل الاراضي التركية وذلك بعد وقت قصير من قصف طائرة سورية لرأس العين التي تقع بجوار بلدة جيلان بينار التركية. وكانت طائرة حربية سورية حلقت على الحدود ووجهت ضربتين قبل أن تعود وتقصف مرة أخرى مما أدى إلى اهتزاز المباني على الجانب التركي من الحدود وتصاعد أعمدة كثيفة من الدخان. ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات. وأعاد الهجوم مجددا الحرب الى جوار الأراضي التركية ومثل اختبارا لتعهد انقرة بالدفاع عن نفسها في مواجهة أي امتداد للعنف من سورية. وهدد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بأن حكومته لن تتردد في «الرد بصورة أشد» على الحدود. وترأس امس اجتماعا مع وزيري الخارجية والدفاع وقائد الأركان العامة لكن لم ترد تفاصيل عما جرى في الاجتماع. غير ان وزير الدفاع التركي عصمت يلماظ اكد ان الجيش التركي مستعد للرد على اي انتهاك لمجاله الجوي من قبل طائرات النظام السوري. وتجري أنقرة الان محادثات مع حلفائها في حلف شمال الاطلسي في شأن إمكانية نشر صواريخ أرض - جو على الحدود فيما قد يعتبر مقدمة لاقامة منطقة عازلة. وقال مسؤول أمني تركي لوكالة «رويترز» إنه تم اول امس اخلاء ثلاث قرى تركية على بعد نحو 140 كيلومترا إلى الغرب «لدواع أمنية». وتترافق التطورات الامنية مع تزايد التأييد الذي يحصل عليه «الائتلاف الوطني للثورة والمعارضة السورية» من جانب القوى الغربية، فبعد اعلان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اعتراف بلاده بالائتلاف «ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب السوري» رحبت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون بائتلاف المعارضة واعتبرته خطوة مهمة ستساعد واشنطن على توجيه مساعداتها وقالت انه يعد اختراقاً كبيراً سيساعد المجتمع الدولي على تحسين توجيه مساعدته لمن هم اكثر حاجة إليها». وينوي الائتلاف الجديد للمعارضة نقل مقره الدائم الى القاهرة بعدما كان مقر «المجلس الوطني» في اسطنبول. وأكد العضو في الائتلاف وليد البني إن محادثات تجري مع الحكومة المصرية لوضع الترتيبات النهائية بشأن المقر الجديد. وردت الحكومة السورية امس على اعلان الائتلاف الجديد للمعارضة ووصفه نائب وزير الخارجية فيصل المقداد بانه «اعلان حرب» وقال ان المعارضين «لا يريدون حل المسألة سلميا»، في حين يدعو النظام «الى حوار وطني مع كل من يريد الحل السلمي». ووصف المقداد الاعتراف الفرنسي بالمعارضة بانه «موقف غير اخلاقي لانه يسمح بقتل السوريين. الفرنسيون يدعمون قتلة وارهابيين، ويشجعون على تدمير سورية».