تجتمع في جنيف اليوم لجنة تحضيرية للاعداد للاجتماع الذي دعا المبعوث الدولي - العربي كوفي انان الى عقده غداً السبت في جنيف للبحث في حلول للازمة السورية. ويشارك في اللجنة كبار الموظفين من الدول والمنظمات التي دعيت الى الاجتماع، وهي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الى جانب تركيا والعراق وقطر والكويت، اضافة الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون والامين العام للجامعة العربية نبيل العربي وكاثرين اشتون المسؤولة عن الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي. وقد اكد كل من وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس حضور الاجتماع. (راجع ص 4 و5) واستبق الرئيس الاسد اجتماع جنيف بالتأكيد انه لا يمكن قبول حل غير سوري للصراع لان السوريين وحدهم هم الذين يعرفون كيفية الوصول لحل. وقال انه لا يتوقع عملا عسكريا ضد سورية، وان عملية على غرار ما حدث في ليبيا ليست ممكنة في بلاده. واستبقت كلينتون ايضا الاجتماع بلقاء تحضيري تعقده اليوم في سان بطرسبورغ لاجراء محادثات حول الازمة السورية مع لافروف والتفاهم على المرحلة الانتقالية. كذلك استبقت موسكو الاجتماع بتأكيد موقفها الرافض لاي تسوية سياسية في سورية بمعزل عن الرئيس بشار الاسد. وقال لافروف امس خلال مؤتمر صحافي عقده في موسكو مع وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام ان خطة الوساطة التي وضعها أنان يجب أن تسعى الى وضع اطار لانتقال سياسي لا أن تحدد مسبقا ما اذا كان سيتم استبعاد الاسد عن المرحلة المقبلة وعن حكومة الوحدة الوطنية المنوي تشكيلها. واكد ان شكل اي حكومة سورية جديدة يجب ان يحدده الشعب السوري ولا تفرضه قوى خارجية. واعتبر ان المحادثات التي ستعقد في جنيف لمناقشة الخطة الانتقالية يجب ان تحدد شروط بدء حوار وطني بين جميع السوريين لا أن تحدد مسبقا مضمون هذا الحوار. كما انتقد لافروف استبعاد ايران من المحادثات. وأثار تراجع روسيا عن تأييد الوثيقة «اللاورقة» المقترحة من أنان على اجتماع جنيف ردود أفعال مشككة في مجلس الأمن. وأكد ديبلوماسيون غربيون في المجلس ل «الحياة» أن «روسيا أكدت لأنان والدول المعنية موافقتها على «اللاورقة» الثلثاء الماضي، حين كانت ممثلة بمندوب على مستوى مدير سياسي في اجتماع عقد في جنيف لبحث التفاصيل النهائية للوثيقة المقترحة». واعتبر ديبلوماسي عربي أن «لاورقة أنان لم تطرح جديداً، عند مقارنتها بقرارت جامعة الدول العربية... لن يكفي لوثيقة أنان أن تعتمد على النيات الطيبة فهذا غير مجد في الأزمة السورية» مضيفاً أن «اجتماع جنيف لن يكون مجدياً من دون قرار تحت الفصل السابع يصدر عن مجلس الأمن ويتضمن لغة حازمة». يذكر ان ال»لاورقة» تنص على «استثناء الذين يشكل استمرار وجودهم تقويضاً لصدقية العملية الانتقالية وزعزعة للاستقرار والمصالحة» من أي تسوية سياسية. وبحسب ديبلوماسيين في مجلس الأمن فإن هذه الفقرة «تعني أن الرئيس السوري بشار الأسد لن يجد مكاناً في العملية الانتقالية». وجاءت الوثيقة التي حصلت «الحياة» على نسخة عنها في 3 صفحات وأربع فقرات رئيسية وحملت عنوان «لاورقة - خطوط عامة ومبادىء لانتقال يقوده السوريون». ونصت على أن اي تسوية سياسية يجب أن تؤمن انتقالاً للشعب السوري نحو مستقبل يمكنه أن يكون مشتركاً لكل السوريين، ويؤسس تصوراً وخطوات واضحة بناء على إطار زمني محدد نحو تحقيق ذلك التصور، ويمكن تطبيقه في بيئة سلمية ومستقرة وهادئة للجميع يتم التوصل إليها من دون أي مزيد من سفك الدماء والعنف». وفي الفقرة الأولى، تحت عنوان «تصور للمستقبل»، شددت الوثيقة على أن تطلعات الشعب السوري تطمح الى بناء «دولة تعددية ديموقراطية تسمح بالتنافس السياسي النزيه والمتساوي في انتخابات» وتتقيد «بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان واستقلال القضاء والمحاسبة لمن هم في السلطة من خلال آليات متاحة للشعب»، وتؤمن «الفرص المتساوية للجميع من دون طائفية أو تمييز اثني أو ديني أو سواه بما يحترم حقوق الإقليات الصغرى». وفي الفقرة الثانية، تحت عنوان «خطوات واضحة في العملية الانتقالية»، أكدت الوثيقة ضرورة وضع «إطار زمني لأي تسوية ذات خطوات محددة وغير متراجع عنها للعملية الانتقالية». وأضافت أن أي تسوية يجب أن تتضمن «تأسيس حكومة وحدة وطنية انتقالية يمكنها أن تنشىء بيئة محايدة للمرحلة الانتقالية، تعمل بصلاحيات تنفيذية كاملة ويمكنها أن تضم عناصر من الحكومة الحالية والمعارضة وسواهما من المجموعات على أن تستثني أولئك الذين يشكل استمرار وجودهم تقويضاً لصدقية العملية الانتقالية وزعزعة للاستقرار والمصالحة». وشددت الوثيقة على «ضرورة مشاركة كل المجموعات والشرائح في المجتمع في سورية في عملية الحوار الوطني التي يجب أن تخضع نتائجها للتطبيق». وفي الفقرة الثالثة، تحت عنوان «السلامة والاستقرار والهدوء»، ذكرت الوثيقة أن أي «انتقال لا بد أنه يشتمل على التغيير» ويتطلب «تحقيق الهدوء التام والتماسك وعلى جميع الأطراف التعاون مع حكومة الوحدة الوطنية لتأمين وقف دائم للعنف وتنفيذ الانسحابات الكاملة ومعالجة مسألة نزع السلاح ودمج المجموعات المسلحة». وتحت عنوان «خطوات سريعة للتوصل الى اتفاق سياسي ذي مصداقية»، شددت الوثيقة على ضرورة «احترام سيادة واستقلال ووحدة سورية وسلامة أراضيها» وعلى أن «النزاع يجب أن يحل من خلال حوار سلمي ومتفاوض عليه، وإنهاء سفك الدماء وأن يتعهد الأطراف التزام خطة النقاط الست كاملة». وتدعو الوثيقة الأطراف الى «الاستعداد لتعيين محاورين للعمل نحو تسوية يقود السوريون التوصل إليها تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري». وتشدد على ضرورة «استعداد المجتمع الدولي بما فيه أعضاء مجموعة العمل لدعم تطبيق الاتفاق المتوصل إليه بين الأطراف (السوريين)، ما قد يشمل وجود مساعدة للأمم المتحدة بتكليف من الأممالمتحدة (في سورية) في حال تطلب الأمر ذلك» على أن «يكون التمويل متوفراً لدعم إعادة البناء والتأهيل». وظهرت ردود سلبية من المعارضة السورية على الاقتراحات التي تم تداولها في اليومين الماضيين والمتعلقة بترتيبات العملية الانتقالية في سورية. اذ جدد «المجلس الوطني السوري» رفض «اي حوار او شراكة» مع نظام الاسد، واي «خطة تجدد شرعية هذا النظام»، وذلك تعليقا على ما نقل عن اقتراح انان بتشكيل حكومة انتقالية تضم وزراء من انصار الاسد ومعارضين. وشدد بيان صادر عن المجلس على «الثوابت» ومنها ان «لا المجلس الوطني، ولا الشعب السوري الثائر، يقبل اي حوار او شراكة مع نظام بشار الاسد، ولكنه يقبل التفاوض مع من لم تلوث ايديهم بدماء الشعب السوري من اجل ضمان انتقال سلمي للسلطة الى الشعب». واشار الى ان الشعب السوري «قاتل وسيقاتل حتى حصوله على كامل حريته وكرامته وسيادته على أرضه»، وحتى «اسقاط نظام القهر والاستبداد بكل رموزه». وذكر المجلس ان المعارضة كانت وافقت على خطة انان للحل في سورية غير ان النظام السوري «لم ينفذ أيا من بنود هذه المبادرة وخصوصا بندها الأول القاضي بوقف قتل المدنيين، وبالتالي فمن العبث وتسويق الأوهام الحديث عن اقتراحات جديدة لتنفيذ البند الأخير في الخطة السداسية». كما هاجمت حركة «الاخوان المسلمين» اقتراح تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة نظام الاسد. وقالت في بيان اصدرته امس ان «اي حكومة تشكل تحت عنوان الوحدة الوطنية في مناخ القتل والاعتقال والتعذيب، هي نوع من خداع النفس والانخراط في لعبة النظام وفي احاديثه العبثية عن الاصلاح والانفتاح». ميدانياً، وقع امس انفجاران في مرآب القصر العدلي في منطقة المرجة بوسط دمشق، وذكر التلفزيون السوري انه تم تفكيك عبوة ثالثة لم تنفجر. واوضح مصدر امني ان الانفجارين ناتجان من «عبوتين مغناطيسيتين وضعتا تحت سيارتي قاضيين»، مشيرا الى ان المرآب المذكور المكشوف مخصص لقضاة وموظفي قصر العدل. وتسبب التفجيران باصابة ثلاثة اشخاص بجروح وبتضرر 18 سيارة في المرآب. واستمرت العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات النظام في ريف دمشق وخاصة في ضاحية دوما التي تعرضت لقصف عنيف. وشنت هذه القوات هجمات في حمص ودير الزور. وذكرت لجان التنسيق المحلية ان القصف تجدد على احياء حمص القديمة، وعلى مدينة الرستن في محافظة حمص التي تعاني من انقطاع كامل للتيار الكهربائي والمياه. وتعرضت مدينة دير الزور للقصف والاشتباكات التي تشهدها احياء عدة». وقدرت اوساط المعارضة عدد القتلى في مواجهة امس بتسعين على الاقل. وترافق ذلك مع تحرك قوافل عسكرية تركية نحو الحدود السورية ردا على إسقاط سورية طائرة عسكرية تركية فوق البحر المتوسط يوم الجمعة الماضي. وانطلقت اول قافلة وتضم نحو 30 مركبة عسكرية بما في ذلك شاحنات محملة ببطاريات صواريخ مضادة للطائرات من بلدة الاسكندرونة الساحلية التركية نحو الحدود السورية على بعد 50 كيلومترا. كما غادرت قافلة اخرى قاعدة في غازي عنتاب قرب الحدود السورية واتجهت الى اقليم كيليس الذي يوجد فيه مخيم كبير للاجئين السوريين. وظهرت القافلة المكونة من نحو 12 شاحنة وناقلة في شريط فيديو وهي تمر عبر بوابة القاعدة. واكد مجلس الأمن التركي في بيان امس يقول انه سيرد «بحزم وفي إطار القانون الدولي» على العمل «العدائي» السوري باسقاط المقاتلة التركية. ويرأس الرئيس عبدالله غل مجلس الامن التركي ويشارك فيه عدد من الوزراء البارزين وكبار قادة الجيش.